كما كان منتظراً، فإن الإرهابيين الذين كانوا يشتغلون في صفوف ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش»، وهم من جنسيات مختلفة، من بينها المغرب، سيغادرون بلاد الرافدين، بعد هزيمة مُشَغّلِهم، وربما قد يعودون إلى بلدانهم الأصلية، مما يخلق حالة استنفار قصوى لدى السلطات الأمنية لهذه البلدان.
و من المعلوم أن عدداً لا يستهان به من المغاربة التحقوا بصفوف «داعش»، حيث جرى استقطابهم من طرف شبكات متخصصة في هذا المجال، تجمع بين الدعوة للتشدد الديني وبين الإغراء المادي، لأن جنود هذا التنظيم لا يشتغلون فقط من أجل إيديولوجية «الخلافة الإسلامية»، بل أساساً من أجل المال الذي يتلقونه كأجر، بالإضافة إلى كل مغريات الحياة، خاصة «الجواري»، التي توضع رهن إشارتهم، بالصيغ المتعددة للزواج في «دولة داعش».
هؤلاء الجنود، سيدخلون في حالة عطالة، بعد نهاية «داعش»، لذلك سيبحثون عن أسواق أخرى للاشتغال، وقد تصل بهم حالة اليأس إلى الانتقام في عمليات انتحارية، لذلك تسود حالة من القلق والخوف، في العديد من البلدان، التي ينتمي إليها هؤلاء المقاتلون، الذين تدربوا على مختلف أنواع الأسلحة المستعملة في حرب العصابات.
غير أن الوجه الآخر للمسؤولية في هذه التطورات، ينبغي البحث عنه في السياسات التي أدت إلى زرع هذا الوحش في المنطقة، منذ تزكية وتمويل العمليات المسلحة، ضد سوريا والعراق، وأيضا ليبيا، من طرف دول خليجية و بدعم من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، وتواطؤ من تركيا، التي كانت أراضيها هي المعبر الطبيعي لهؤلاء المجندين من طرف «القاعدة» و»داعش».
كما تتقاسم المسؤولية كل الدول الأخرى، التي دعمت ما سمي بالمعارضة السورية، رغم أن كل المؤشرات كانت تنذر بوقوع الكارثة، وتراخت في السنوات الأولى، تجاه عمليات التجنيد والاستقطاب، لشباب من بلدانها، في إطار معاداتها للنظام السوري.
اليوم، هناك خطر حقيقي، خاصة لدى البلدان التي ينتمي إليها مئات الجنود، من التنظيمات الإرهابية، المنتشرة في العالم العربي، الذين قد يعودون وهم يتأبطون شراً، كما سبق أن حصل في أفغانستان، التي أنتجت أيضاً إرهابيين، عادوا لبلدانهم، التي تواطأت ضد الاتحاد السوفياتي، آنذاك.