حسن السوسي :

 أن يدعو بعض من ينتمون إلى اليسار بمفهومه العام الاتحاد الاشتراكي إلى عدم المشاركة في حكومة أغلبيتها من الأحزاب السياسية المحسوبة على اليمين ويتولى منصب رئاستها حزب العدالة والتنمية، على قاعدة الاختلاف بين ايديولوجية الاتحاد الاشتراكي عن إيديولوجيات الأحزاب الأساسية المشكلة للحكومة، آمر مفهوم من زاوية نظر إيديولوجية صرفة حتى إن كان موضع نقاش جدي من زاوية الممارسة السياسية العقلانية والواقعية من منظور ديمقراطي.

أن يؤاخذ البعض، من مواقع إيديولوجية وفكرية يمينية، حزب العدالة والتنمية، على قبول الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ضمن التشكيلة الحكومية التي يترأسها الحزب، أمر مفهوم تماما، بالنظر إلى الاختلاف الواضح بين إيديولوجيات اليمين الديني والمدني وبين إيديولوجية اليسار، ولو أن استحضار التشبث بمشاركة التقدم والاشتراكية اليساري، في هذه الحكومة، يدفع إلى طرح تساؤلات جدية حول سلامة المنطق الذي يراد على أساسه، استبعاد الاتحاد الاشتراكي.

غير أن ما ليس مفهوما، في شيء، أن تنبري شخصيات تعتبر نفسها ضمن قوى اليسار إلى الدخول في حملة سياسية منظمة ضد الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وضد العدالة والتنمية بمنطق مقلوب لا يقوم على أي أساس فكري أو سياسي عقلاني.  منطق يدافع عن مزاج الأستاذ بنكيران يقحم قسرا المنهجية الديمقراطية قي الموضوع ويفتري على الإرادة الشعبية من خلال قراءة لا أصل ولا فصل لها ديمقراطيا لنتائج الانتخابات التشريعية. وهو منطق تهاوى تماسكه بمجرد تشكيل حكومة الدكتور العثماني لتخبطه عند محاولة إقامة جدار صيني بين بنكيران والعثماني على أساس اختزال العدالة والتنمية في الأول ومحاولة فصل الثاني عن الحزب الذي تمكن من تشكيل الحكومة باسمه.  شخصيا، كنت من الذين كانوا ينتظرون مرافعة سياسية ديمقراطية ومبدئية تدافع عن رأي تحرك الاتحاد الاشتراكي من موقع المعارضة بدل المشاركة في الحكومة. وليس هناك ما يمنع من الميل إلى هذا الموقف لو كانت هناك شروط موضوعية وسياسية تبرره.  لكن الذي وقع هو أن كل هذا لا يهم البعض، وأساسا من اعتبروا الاتحاد الاشتراكي العدو الذي لا ينبغي تمكينه من التقاط الأنفاس، سواء في المعارضة أو داخل الحكومة.

ولأن السهام موجهة إليه بغض النظر عن الموقف الذي كان سيتخذه، فإن موقف الانسجام مع ضرورة تطبيع الممارسة السياسية في البلاد يكتسي أهمية قصوى، والمشاركة هي ترجمته الفعلية في ظروف المغرب الراهنة.  وهو موقف سديد لأن عليه في كل الأحوال مواجهة الخصوم من أي موقع هو فيه فلماذا عليه أن يعير الاعتبار لمن ليس في جعبتهم غير ردود الفعل السلبية على فعل الآخرين ومبادراتهم.

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

الاتحاد لا يحتاج إلى شهادة حياة، لأنه هو من يسلمها!

ما بعد وقف إطلاق النار وجواب الاتحاد …

الاتحاد الاشتراكي… حزب لا يُرهب ولا يُرْهب

في زمن الالتباس… الاتحاد يصدح بصوت الوطن والمواطن