يوسف ايدي، رئيس الفريق الاشتراكي: التدبير الإداري الجديد ضرورة حتمية لتجاوز معيقات الإدارة التقليدية

إسماعيل العالوي: يجب على الحكومة اعتماد سياسة تشجيعية للسياحة الوطنية واعتماد الجهوية

تدخل رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين، يوسف ايدي، في تعقيب حول موضوع «الجهوية المتقدمة»، حيث أكد أن الإصلاح وصل ذروته بصدور دستور 2011، الذي جاء في طياته تخصيص الباب التاسع كاملا بعنوان «الجهات والجماعات الترابية الأخرى»، وهذا تعبير صريح يعترف بمكانة الوحدات الترابية في النسق الدستوري المغربي، كما أن قراءة صفحات تقرير النموذج التنموي تفيد أن ورش الجهوية المتقدمة أخذ حيزا كبيرا منه، حيث راهن بقوة على الجهة واعتبرها فضاءات حيوية لتنزيل السياسات العمومية، ومصدرا مهما لخلق الثروة المادية واللامادية، كما أن لها دورا أساسيا في تعزيز التنمية المندمجة والشاملة. ففي ظل هذه الثنائية الدستورية والاستشارية، التي تبين بالملموس الجهود المبذولة من طرف بلادنا قصد تنزيل ورش الجهوية المتقدمة، إلا أنها تظل غير كافية، أمام تفاقم التفاوتات المجالية والفوارق الاجتماعية التي لاتزال قائمة، الأمر الذي اتضح بشكل جلي جراء جائحة كوفيد 19 وبعدها، حيث عرت –إن صح التعبير-الواقع الاقتصادي المغربي وأزمت الوضع الاجتماعي.
وعلى هذا، يضيف المستشار الاشتراكي، بأن ما يجب الوقوف عليه، هو العمل في إطار دينامية حثيثة للتسريع في تنزيل ورش الجهوية المتقدمة موازاة مع لاتمركز إداري فعلي، نظرا للأهمية القصوى التي يحتلها اللاتمركز الإداري وعلاقته بالجهوية المتقدمة في تدبير الدولة، وبالتالي منح الجهات قوة تنفيذية لتنفيذ السياسات العمومية، حيث نرى في الفريق الاشتراكي أن هذه المواكبة من شأنها خلق ثنائية عضوية إدارية على المستوى الجهوي، مع تفعيل قنوات التنسيق بين جميع التمثيليات الإدارية المحلية ضمانا لالتقائية وتكامل السياسات العمومية، مؤكدا على ضرورة تعزيز الموارد المالية للجهة والجماعات الترابية الأخرى، والسعي في تحفيز الجهات على تطوير مداخيلها الذاتية عبر نهج حكامة جيدة للجبايات، والتدبير النشيط لممتلكاتها، مع ضرورة الانفتاح على خصوصيات الجهات وتثمين الرأسمال المادي والبشري، وكذلك تشجيع ثقافة التعاون وخلق مجموعات بين الجهات، الأمر الذي سيقودنا إلى النهوض بالتنمية الاقتصادية داخلها وتحقيق الرفاهية الاجتماعية، ومنه التوزيع العادل للثروات بين أفراد المجتمع، إلى جانب النهوض بالتشغيل وترسيخ التنمية المستدامة والعدالة القائمة على التوازن بين الجهات.
وأوضح ايدي أن بلادنا تسير وفق منهج جديد في التدبير الإداري، عبر الارتقاء بالجهة إلى مكانة «قطب الرحى» للتدبير الإداري، حيث أضحى الأمر ضرورة حتمية لتجاوز معيقات الإدارة التقليدية، وتمكين المؤسسات والأجهزة المحلية من الاضطلاع بمسؤوليتها الراهنة، المرتبطة أساسا بتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مما يفرض بشكل أو بآخر، بلورة آليات مسايرة لفلسفة اللامركزية الإدارية، وطرق حديثة في التدبير العمومي حتى يتسنى لنا الارتقاء بالأهداف الاستراتيجية لهذا الورش والدفع به نحو مزيد من الفعالية والنجاعة، خصوصا وأن هناك إرادة ملكية جادة وملحة، تؤكد على أولوية تنزيل وتفعيل ورش الجهوية المتقدمة بالتوازي مع ميثاق الاستثمار الجديد، قصد الرفع من جاذبية هذا الأخير وتسويق العرض الاستثماري.
بدوره تدخل المستشار إسماعيل العالوي موجها سؤاله لوزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي التضامني، حول وضعية قطاع السياحة، وجاء في تعقيبه أنه وبعد النكبة التي تعرض لها القطاع السياحي ببلادنا بسبب جائحة كورونا، لا يمكن أن ننكر المجهودات التي قامت بها الوزارة لإعادة إنعاش هذا القطاع والعودة به من جديد بغية الحفاظ على مناصب الشغل التي يوفرها، والحفاظ على مساهمته الهامة في الناتج الوطني، وهو ما نلمسه على مستوى عدد السياح الوافدين على بلادنا، نتيجة الترويج لوجهة بلدنا عبر مجموعة من البرامج التي أطلقتها الوزارة الوصية في إطار خارطة الطريق الجديدة التي رسمت لهذا القطاع الحيوي، وكما يعلم الجميع أن سنة 2022 عرفت حملات الترويج للسياحة الداخلية من خلال مجموعة من البرامج والمبادرات، مثل «نتلاقاو في بلادنا» التي كانت موجهة لمغاربة العالم خلال موسم الصيف، و»عملية مرحبا» التي شهدت تدفقا كثيفا للمغاربة المقيمين بالخارج، وهو ما ساهم بشكل كبير في إعادة تنشيط القطاع السياحي بصفة خاصة، والاقتصاد الوطني بصفة عامة، بالإضافة إلى الترويج للعلامة الدولية «المغرب، أرض الأنوار» الذي كان موجها للسياحة الدولية، كما يجب ألا ننسى انعكاس فعاليات كأس العالم الذي اعتبر أكبر حملة ترويجية حظيت بها الوجهة المغربية، حيث أن تألق أسود الأطلس في كأس العالم «قطر 2022» شكل مرحلة مفصلية في القطاع السياحي خلال سنة 2022، حيث ازداد الاهتمام بالمغرب، من خلال وسائل الإعلام الدولية الأكثر تأثيرا، عبر التغطيات والروبورتاجات عن المغرب، أو من خلال المؤثرين والمشاهير وصناع الرأي، الذين تحدثوا بشكل إيجابي ومستفيض عن المغرب تم التفاعل معه بشكل غير مسبوق من قبل مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، وبالتالي على الحكومة أن تستثمر هذا الإنجاز التاريخي في إعداد سياسة ترويجية جديدة للمملكة لاستقطاب السياح من دول أخرى غير الوجهات الكلاسيكية المتعارف عليها، لإعطاء ديناميكية جديدة للسياحة المغربية، خاصة وأن وزارة السياحة تتطلع للوصول إلى 26 مليون سائح في أفق سنة 2030، وذلك لن يتأتى إلا من خلال رؤية جديدة تستند إلى المعطيات الجديدة للحفاظ على المكتسبات وتحصيل المزيد من النتائج للقطاع السياحي.
ومع هذا، تظل السياحة الداخلية هي أساس النهوض بالقطاع السياحي، باعتبارها السياحة التي تحقق الاستدامة ويعول عليها في الأزمات والتقلبات التي يمكن أن تطرأ في أي وقت ممكن، وهو ما اتضح خلال الأزمة الصحية التي مر منها العالم، لهذا لا بد من الاهتمام بالسياحة الداخلية والعمل على تطويرها بمختلف جهات المملكة، حسب ما يميزها من تنوع مؤهلاتها الجغرافية والتاريخية والثقافية، الذي يشكل مصدر غنى العرض السياحي ببلادنا، والعمل إلى جانب الجماعات الترابية والجهات والعمالات والأقاليم والجمعيات العاملة بالمجال للنهوض بالسياحة الوطنية، وتحسين تنافسيتها وجاذبيتها في إطار اللاتمركز، وكذلك إشراك الساكنة المحلية في خلق الثروة بهذا القطاع، وهو ما سيمنح لكل جهة العمل باستراتيجية تلائم خصائص كل المنطقة على حدة وسيجعل جميع الجهات تتنافس للوصول إلى تحقيق الأفضل للقطاع السياحي، وتحقيق التوازن في تنمية السياحة بين المجالات الترابية والوجهات السياحية، وهو ما يعتبر جوهر الجهوية المتقدمة، وهنا أذكر جهة درعة تافيلالت، على سبيل المثال لا الحصر، وما تزخر به من مؤهلات على مستوى السياحة الإيكولوجية، وسياحة الاستكشاف، والسياحة العلاجية، مثال: (منطقة أرفود التي يقصدها الجميع للاستفادة من عملية الدفن في الرمال بنية العلاج من أمراض الروماتيزم…)، وكذلك تنوع منتوجات الصناعة التقليدية، ومع ذلك لم تحظ بالاهتمام المطلوب لاستثمار هذه المؤهلات للنهوض بالمنطقة وجعلها قطبا سياحيا من الدرجة الأولى، لهذا نؤكد على إيلاء العناية بهذه المنطقة بل بجميع مناطق بلادنا، من خلال تطوير المنشآت السياحية والفندقية وما يرافق ذلك من تحسين الخدمات وخاصة في وضع أثمان مناسبة مع القدرة الشرائية للمواطن المغربي، وتعزيز النقل الجوي بالرفع من الطاقة الاستيعابية ومضاعفة الرحلات الجوية الداخلية، والمزيد من الاهتمام بالبنية التحتية خاصة الطرق التي تشكل عائقا للتطور في جميع المجالات، وتحفيز الاستثمار في العرض السياحي الترفيهي و الإيكولوجي، والسياحة القروية، وملاءمة عرضها حسب المواسم ووفق خصوصيات كل منطقة كما ذكرت، وإيجاد حل لمشكل القطاع غير المنظم الذي يؤثر على جودة العرض السياحي الوطني، وتقديم عروض مستدامة تكون أكثر جاذبية وتنافسية لفائدة السياحة الوطنية، قادرة على إنعاش القطاع.
وفي الأخير لابد من إرساء الالتقائية بين الاستراتيجيات الوطنية المتعلقة بالقطاعات التي لها روابط وثيقة بالقطاع السياحي، كقطاع الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، وقطاع الثقافة والشباب والرياضة والتنمية المستدامة وغيرها، والعمل على تعميمها في جميع جهات المملكة، والسهر على تنفيذ الاستراتيجيات الجهوية للسياحة المستدامة، ومواكبة المجالس الجهوية في إعداد ووضع مشاريع سياحية ضمن برامج التنمية الجهوية لتعزيز وإرساء تنمية دامجة وتشاركية للقطاع السياحي.

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

الفريق الاشتراكي يسائل وزير الداخلية حول تخريب الرعاة الرحل لمصادر عيش السكان المحليين باقليم تزنيت

 فرع الحزب بأكدال الرياض ينظم ندوة حول «الدولة الاجتماعية الآفاق والتحديات»

حتى  لا تتحول مجالس الحكامة الى آلية للتحكم

الكاتب الأول يستقبل وفد يضم قيادات بالحزب الاشتراكي الألماني وبرلمانيين ومسؤولين بمؤسسة فريديريش ايبيرت .