أكد محمد بنعبد القادر أن النموذج الإصلاحي الجديد الذي يسعى لتنزيله على أرض الواقع بالمغرب يختلف تماما عن النموذج الإداري الذي كان سائدا منذ ظهور العمل الإداري الذي نهل من إدارة الحماية والإدارة الجنينية مع المخزن.
وأوضح محمد بنعبد القادر، وزير إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية، الذي حل ضيفا أمس على منتدى وكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذا النموذج الجديد ينبني على فلسفة المرفق العام المؤطر لكل عمليات الإصلاح، بحيث كانت مناسبة انعقاد الملتقى الوطني للوظيفة العمومية العليا قبل أسابيع بالصخيرات، فرصة سانحة للإعلان على أن هذا النموذج قد استنفد مهامه ووصل إلى الباب المسدود، خاصة أن النظام الأساسي للوظيفة العمومية قد تلقى أكثر من 13 تعديلا وليس مراجعة شاملة في إطار فلسفة جديدة تحول هذا النموذج المأزوم إلى نموذج هدفه الأساسي خدمة المواطن.
وعن طبيعة هذا النموذج الجديد، أشار بنعبد القادر إلى أنه يتميز بسياسة القرب في الخدمة العمومية، وترسيخ الفعالية وقيم الشفافية والنزاهة وتخليق المرفق العام ثم ربط المسؤولية بالمحاسبة، كل هذا في اتجاه تجويد الخدمة العمومية من أجل تلبية حاجيات المواطن ومصالحه وقضاياه.
ومن أجل ترسيخ هذا النموذج الجديد وإخراجه للوجود، أبرز الوزير بنعبد القادر أن الإصلاح الذي يتم نهجه هو إصلاح تحولي يختلف عن طبيعة الإصلاحات الأخرى التي عرفها مسار الإصلاحات بالمغرب على مستوى الإدارة المغربية والوظيفة العمومية، موضحا في هذا السياق أن الإصلاحات السابقة كانت جزئية أو قطاعية أو فئوية، كما أن هذه الإصلاحات شكلت تراكما لا يمكن نكرانه، غير أنها لم تخضع لسياسة التقييم والتقويم، كما أن هناك إصلاحات تم التخلي عنها في منتصف الطريق، أما الإصلاح التحولي اليوم فله تصور شمولي في إطار فلسفة عامة تروم نموذجا جديدا.
ويرتكز هذا الإصلاح التحولي، حسب الوزير بنعبد القادر، على أربعة تحولات متداخلة ومرتبطة في ما بينها لكي تشكل وحدة إصلاح تحولي شامل، أولها تحول تنظيمي يرتبط بهياكل الدولة وأجهزتها وكيفية تنظيمها بما أن الإدارة من شؤون الدولة، إذ نسعى لتنظيم الإدارة المغربية من خلال اللاتركيز الإداري الذي تشتغل الحكومة لإخراجه إلى حيز الوجود قريبا، حيث سيتم ،لأول مرة، نقل اختصاصات السلطة المركزية للجهات المنتخبة والولاة ثم سيتم إدخال تعديلات على هيكلة بعض المصالح الخارجية للقطاعات الوزارية لملاءمتها مع هذا التنظيم الإداري الجديد.
وبالنسبة لثاني تحول فيهمُّ التحول التدبيري، حيث كان النموذج القديم يكتفي بتدبير المسارات والترقيات للموارد البشرية بعيدا عن ارتباط ذلك بالمردودية في إطار من الأمن الوظيفي الذي وفره النظام الأساسي للوظيفة العمومية والنموذج الحالي، في الوقت الذي سيعتمد هذا النموذج الجديد على تدبير الكفاءات، كما جاء في الرسالة الملكية التي وجهها جلالة الملك إلى الملتقى الوطني للوظيفة العمومية العليا المنعقد بالصخيرات.
والتحول الثالث يتعلق بالتحول الرقمي، الذي يهدف ليس فقط لإدخال التجهيزات والآليات الرقمية في دواليب الإدارة وإنما يهدف إلى ترسيخ الثقافة الرقمية لدى كل فئات الموارد البشرية والحياة الإدارية.
أما التحول الأخير فهو التحول التخليقي الذي يهم المرفق العام وكل الحياة العامة، وذكر بنعبد القادر في هذا الإطار باجتماع اللجنة الوطنية لمحاربة الفساد الذي ترأسه رئيس الحكومة وعرض فيه التقرير التركيبي حول محاربة الفساد وتخليق الحكامة العمومية.
وفي رده على سؤال لجريدة الاتحاد الاشتراكي حول ماذا تحضر الحكومة في الحوار الاجتماعي مع المركزيات النقابية واتحاد المقاولات المغربية، خاصة ونحن على مقربة من العيد الأممي فاتح ماي، أوضح بنعبد القادر أن هناك ثلاث لجان تشتغل على الحوار الاجتماعي، لجنة تحسين الدخل التي تجتمع في رئاسة الحكومة ولجنة القطاع الخاص التي تجتمع بوزارة الشغل ولجنة القطاع العام والوظيفة العمومية التي تجتمع بوزارة إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية، مبرزا مثلا أن هذه اللجنة الأخيرة قد عقدت أربعة اجتماعات أولها كان يهدف لإزالة كل ما من شأنه أن يخلق توترا في الحوار وتوفير شروط مواتية لأجواء هذا الحوار.
واغتنم الوزير الفرصة ليحيي المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية التي عبرت عن تفهمها ووعيها بتصور الإصلاح الذي عرضته الوزارة عليها، كما أشاد الوزير بالتصورات التي اقترحتها النقابات للإصلاح، موضحا أن هناك اجتماعا مستقبليا لدراسة ما توصلت إليه اللجان الثلاث.