عبد السلام المساوي

الصورة التي بدأت تترسخ لدى عامتنا، بل وحتى لدى نخبتنا، تقدم عبد الإله بنكيرن على أنه يعيش قطيعة مع مشاغل الناس اليومية، يقيم في برج عاجي، يتطلع منه، من عل، إلى الواقع العياني، ويصوغ أوامره في شكل طلاسم كأنما أعدت لغرض إشعار الناس إزاءها بالخضوع والطاعة.
وإن ما تعكسه الصورة التي يحملها المواطن عن رئيس الحكومة، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، هو أنه كائن غريب لا يخضع دماغه لقانون الجاذبية الأرضية بل لنواميس عالم آخر، وبهذا كانت ردود الفعل على نتاج هذا الكائن تعكس عامة الكثير من الحذر والريبة، التهكم والسخرية، بل الرفض والقطيعة.
إن انحرافات عبد الإله بنكيران تغذت من سلوكات ماضوية، سلوكات رجال سلطة نأوا بأنفسهم عن مشاغل الناس واستعاضوا عن معالجة مشاكل المواطنين وخدمة مصالحهم بإسكاتهم وترهيبهم، أو برسم وعود جميلة، ولكنها لا تقوى على تنفس هواء الواقع فتتبخر تبخر الحلم الجميل.
من خصائص الثقافة السلطوية البائد التي تشبع بها بنكيران، أنها تحدد نمطا علائقيا دقيقا بين رجل السلطة/ رئيس الحكومة والمعارضة، فهذه العلاقة ليست علاقة تكافؤ، إنما هي علاقة امتثالية، علاقة أوامر سلطوية، تستجيب لها المعارضة بنعم امتثالية، فكأن بنكيران لا ينطق إلا ليأمر وكأن المعارضة لا تتكلم إلا لتقول نعم، وهذه العلاقة تستلزم إلغاء دور فكر ووجود المعارضة، لأن دورها، كل دورها هو أن تقول نعم وتصمت، فبنكيران هو الكامل بلا ضفاف، والمعارضة هي الناقصة بلا ضفاف.
إن هذه الثقافة ثقافة تقليدية محافظة تستمد وجودها من المغلق وترفض التجديد، كما أنها تصادر “اللا” المبدعة. من هنا نفهم ترويج أطر “حركة التوحيد والإصلاح” لمقولة أن من عارض حكومة بكيران فقد عارض الله! لدرجة أن معظم تدخلات عبد الإله بنكيران لا تخلو من التشديد على أن الله اختار حزبه لقيادة البلاد واختاره لحل أزمات المغرب. ومعنى ذلك أن من “اختار الله” لا ينبغي أن يتم انتقاده أو معارضته. وهذا هو سر نرفزة بنكيران كلما تناهى إلى علمه خبر مظاهرة أمام البرلمان أو احتجاج في قرية أو اعتصام بمعمل.. لأن هؤلاء في نظره يعاكسون إرادة الله، ولا يعاكسون إرادة رئيس حكومة منتخب على قاعدة المسؤولية والمحاسبة، ولا يعاكسون إرادة رجل سياسي قد يصيب وقد يخطئ. من هنا لجوء بنكيران إلى إشهار سلاح حجة القوة (العنف اللفظي) في مواجهة قوة الحجة، مستعملا صولة الدين لتكميم أفواه الناقدين وتكفير المعارضين.

وفي قطر أعلن بنكيران أن حزبه “إسلامي” وأن “حكومته تحظى برعاية إلهية، الله يساعدنا ويبارك هذه التجربة”، وفي “منتدى الجزيرة” بالدوحة، اعتبر الأمطار التي تهاطلت على المغرب، هبة من الله عز وجل، إلى حزب العدالة والتنمية!! إنه خطاب غارق في اللاهوت والميتافزيقا ،هذا إذا جاز أن نسمي شطحات بنكيران خطابا- إنه خطاب يتغذى من أوهام وأصنام الفكر القروسطوي، يغتصب العقل ويكبل الإنسان بقيود وأغلال الفكر الظلامي.. خطاب يجسد البؤس الإيديولوجي لدى الجماعات التي تستغل الدين وتستعمله في توظيفات سياسوية مصلحية.. من الانعكاسات المدمرة لهذا الخطاب، الفراغ الفكري والخواء الثقافي، وهيمنة الأحكام الجاهزة والأفكار الفاسدة، وسيادة المطلقات وتعطيل العقل والتفكير، وحضور إصدار الفتاوى وإلصاق التهم، تكفير الإنسان وتكفير المجتمع، إشاعة اليأس وهيمنة العدمية وزرع بذور الإرهاب… إنه خطاب يروم التضبيع والتخدير الإيديولوجي بلبوس ديني… إنه خطاب العنف وعنف الخطاب. إن الوجه الآخر للحقيقة، ليس هو الخطأ، بل هو العنف، إذ لم يعد مشكل الحقيقة هو تطابق الفكر مع الواقع، وإنما تطابق الإنسان مع الفكر، لذلك، ولكي يتمكن الإنسان من الحد من العنف لن يتأتى له ذلك إلا بواسطة الخطاب والعقل والعمل المعقول، أي إنشاء خطاب عقلاني متماسك يلغي تفكك خطاب الحقيقة وضياع معناها. لأن الذات التي يصدر عنها الخطاب ينبغي أن تفهم بواسطة هذا الخطاب وليس الخطاب هو الذي يفهم بواسطة الذات…

إن بنكيران عاجز عن بناء خطاب عقلاني منطقي متماسك… عاجز لاعتبارات ذاتية وسياسية، ذاتية لأنه صنع “الزعامة” من خلال الخطب “الدينية” والصراخ الإسلاموي. وسياسية، لأن الواقع يكذب ادعاءات بنكيران، ويؤكد بجلاء أن بنكيران وحزبه وجماعته، يعدم مشروعا مجتمعيا يدافع عنه.. أن السياسة هي نقيض الفراغ، والفراغ يهدد السياسة.. وبنكيران بخطابه الغيبي يكرس الفراغ ويحارب السياسة… إنه خطاب ينتج العنف.. وإذا كانت الذات التي يصدر عنها الخطاب تفهم بواسطة هذا الخطاب، فإن بنكيران عدواني وعنيف، متسلط ومستبد.. وإذا كان رئيس الحكومة لا يتحكم في الأجهزة التي تمارس العنف المادي، فإنه أيضا، لا يتحكم في لسانه في ممارسة العنف اللفظي… وهذا العنف اللفظي يريحه من تعب أسئلة المعارضة ويعفيه من وجع المحاسبة… يصرخ، يقهقه، يسب ويشتم… ترفع الجلسة! ويظهر أن هذا الأسلوب، إن كانت نتائجه مفيدة لبنكيران، مؤقتا، فإنها مدمرة للسياسة، بل مدمرة للبلد.. وليعلم بنكيران أنه لم يستطع أحد الاستمرار في السلطة طويلا عن طريق العنف.

أعتقد أن وصول الإسلاميين إلى مبتغاهم كان مرحلة ضرورية، لنكشف ضحالة مشروعه، هذا إن جاز لنا تسميته بالمشروع، ففيما خلا كرسي الحكومة، لم يتمكنوا حتى الآن من تقديم مشروع واضح ومتكامل، ولم نر برامج أو خططا لحل مشكلات معقدة يعاني منها الشعب المغربي، من فقر وأمية وبطالة وتوفير الفرص على أساس الكفاءة لا الولاءات…

لقد قامت الحكومة الحالية بإصدار قانون تنظيمي واحد، ألا وهو قانون التعيين في المناصب السامية لتتمكن من زرع أوتادها في الإدارة وبالقطاعات الحساسة، وأيضا بتكذيب كل وعودها الانتخابية بدءا من التراجع عن نسبة النمو، والعمل باتجاه تحسين شروط الحياة للمواطن المغربي، وتعطيل العمل التشريعي…
إن مرحلة الوصول إلى الأجهزة التنفيذية والتشريعية في سلوك الإسلاميين ما هي إلا مرحلة انتقالية يتم فيها الاستيلاء على الدولة وأجهزتها على طريق استنبات كل شروط الخلافة، دون أن يشركوا المعارضة في القرار، ودون الوفاء بمشاريعهم الانتخابية، وكذلك بدون استحضار أن الشرعية ليست فقط نتائج الانتخابات، بل هي الآلية التي تتضمن التعدد السياسي والفكري المجتمعي. وهم ماضون في التجني على الديموقراطية فكرا وسلوكا فقط لأنهم مدججون بسلاح “الشرعية”.

الانتهازية بدت واضحة في سلوك الإسلاميين منذ البدايات المبكرة، فبمجرد ما تسلموا كراسي الحكومة، استخدموا أساليب ديكتاتورية من إقصاء وتهميش لكن بخبث يرتدي لبوس الدين… ويظهر أنهم يمارسون السياسة ببراغماتية ماكيافيلية… يتظاهرون بالتدين والأخلاق كوسيلة للوصول إلى السلطة.. وبمجرد ما وصلوا تنكروا للأخلاق “لا أخلاق في السياسة”… وقصص العشق والحب أسقطت الأقنعة.. تضاف الفضائح إلى الزيادات في الحصيلة الحكومية الحالية.. وأن فساد الرؤية العامة للإسلاميين، هي التي تتحمل عبء إخفاقهم وفشلهم.. وان الإخفاقات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي سجلت بحق تجربتهم إلا انعكاس لفساد هذه الرؤية… إن رؤية، كرؤية الإسلاميين، تستند إلى مفاهيم القرن السابع أو العاشر الميلادي، حتما ستفقد حياتها وحيويتها بفعل الزمن وعوامله المؤكدسة. لقد تصدرت حركات الإسلام السياسي المشهد السياسي بعد الثورات العربية بتمويلات خارجية استغلتها في الدعاية الانتخابية لكن “مشروعها” باء بالفشل الذريع.

منذ جمال الدين الأفغاني وحتى عبد الإله بنكيران تمتد حقبة طويلة من الزمن وتتوالى حركات وقيادات إسلامية عديدة… وكأن الأفغاني في قمة نضاليته وفهمه وإدراكه لحقائق عصره ومستقبل أمته، ومن “القمة” يبدأ الانحدار، خطوة خطوة. تبرز الجماعات الإسلامية والقيادات الإسلامية وكل منها حريص على أن يتخذ خطوة إلى الخلف، وهذه الظاهرة الغريبة بل والمريبة تحتاج إلى تأمل ودراسة، ولعلنا نتخذ من فرصة وقوفنا عند “السفح” ونحن نتابع بدهشة وفي عام 2015، تصريحات بنكيران وإخوانه وأخواته في الحزب والحركة، ما ينشر في جرائد الإخوان، خصوصا تلك التي تدعي الاستقلالية والمهنية، لعلنا نتخذ من هذه الفرصة سبيلا لإلقاء بعض الضوء على هذه الظاهرة الغريبة.

كل الحركات والاتجاهات تبدأ ثم تتصاعد… إلا حركة الجماعات الإسلامية فقد بدأت بقمة لا تبارى بمقاييس عصرها (ثمانينات القرن التاسع عشر) بل وحتى ويا للغرابة بمقاييس أيامنا البائسة هذه.. ثم خطوة.. خطوة إلى الوراء مضى كل خلفاء الأفغاني..

الأفغاني فهم الدعوة الإسلامية على وجهها الصحيح، فهي دعوة من أجل التحرير، والنضال ضد الطغاة.. والأفغاني يمجد الثورة الفرنسية ويدعو للاقتداء بها.. ويدعو إلى تحرير الفكر الديني من قيود التقليد وإلى فتح باب الاجتهاد على مصراعيه.. والدين في منطق الأفغاني “لا يصح أن يخالف الحقائق العلمية فإن كان ظاهرة المخالفة وجب تأويله”.

لقد وقف الأفغاني في القمة.. وبدلا من أن يواصل خلفاؤه الصعود.. فقد بدأوا رحلة الرجوع خطوة خطوة إلى الوراء.. ومع بنكيران وجماعته تم النزول إلى الحضيض.

يشكل محمد عبده بداية الارتداد عن فكر الأفغاني، كان الخطوة الأولى للوراء.. وبعدها تتالت الخطوات.. والخطأ الأساسي عند محمد عبده أنه لم يدرك المقولة الأساسية للأفغاني “فالتجديد” ورفض “التقليد” تجاه المذاهب الإسلامية وتجاه متطلبات العصر ليس منفصلا عن نضال الإنسان من أجل حياة أفضل ومن أجل مجتمع يسوده العدل..

ورويدا رويدا يرتد رشيد رضا هو أيضا عن الكثير من مقولات إمامه محمد عبده.. فبالنسبة لرشيد رضا فإن الاجتهاد والأمل والعمل يتركز في شيء واحد هو “الخلافة الإسلامية” “فهي الحكومة المثلى التي بدونها لا يمكن أن يتحسن حال البشرية”… وإذا كان الأفغاني يشن حملاته ضد الحكام الطغاة… وإذا كان محمد عبده يتخذ موقفا معتدلا من هذه القضية فإن رشيد رضا يواصل الارتداد متمسكا بمقولة السيادة المطلقة في الدولة “لأولي الأمر” الذين “أمر الله بطاعتهم”… وبنكيران اليوم يدعونا إلى طاعته، ومعارضته كفر وخروج عن طاعة الله.

وقد تأثر حسن البنا، الزعيم المؤسس للحركة الإخوانية، والزعيم الروحي لبنكيران وأصحابه.. تأثر بالشيخ رشيد رضا، وتأثر أكثر بالجانب “السلفي”، فهو يقول “نحن السلفيون من أتباع الشيخ رشيد رضا”.
وهكذا يكون الشيخ “البنا” امتدادا أكثر “سلفية” للتيار “السلفي” الذي انبثق عن دعوة محمد عبده.. والذي هو بدوره خطوة إلى الخلف بالنسبة للأفغاني.

ولم تكن الكارثة منحصرة في فكر سلفي يقدمه حسن البنا ويرفض به أي جديد، ويرفض كل الحضارة الغربية بكل منجزاتها باعتبارها حضارة “نصرانية” “كافرة”، ويرفض التعليم الحديث، ويرفض المدارس الحديثة “التي عمل هو نفسه مدرسا بها” قائلا أنها “مبتدعة”، وأن الأبناء “يخرجون منها وقد تسممت عقولهم بالآراء الإلحادية وشبوا على التقليد والإباحية”.

لكن الكارثة الحقيقية كانت في الموقف السياسي الذي اتخذه البنا، فعندما كانت مصر كلها تقاوم الاستعمار متحدة في الموقف والرأي كان حسن البنا يضرب الوحدة الوطنية بفأس التعصب الديني، فالاستعمار “حملة صليبية” والمعركة الأساسية ليست ضده وإنما من أجل استعادة الخلافة الإسلامية الضائعة. ولا بأس من أن يكرس زعيم ديني (سياسي) كفاحه وكفاح جماعته لا ضد احتلال جاثم على أرض وطنه وإنما من أجل استعادة الخلافة الضائعة… في هذا الإطار نتذكر أن مرسي ما أن نجح في الانتخابات الرئاسية في مصر حتى قال إن “الخلافة قد بدأت”، وقبل ذلك صرح صلاح الجبالي (العضو القيادي بحركة النهضة التونسية والوزير الأول السابق) قد تحدث عن قرب تحقيق الخلافة الإسلامية بعد وصول النهضة إلى الحكم. وهذا ما تقره كل الحركات الإسلامية بما فيها حركة التوحيد والإصلاح الراعية المذهبية لحزب العدالة والتنمية… إن الإسلاميين بشكل عام لا يؤمنون بفكرة الوطن الذي تحده جغرافية محددة وسيادة مضبوطة، بل هم مشدودون إلى فكرة يعتبرونها هي الأسمى، والتي تفيد بأن الوطن هو الأمة الإسلامية…

وحتى الطاغية إسماعيل صدقي وجد في البنا مؤيدا يستند إلى الآية الكريمة ( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ ?إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا) ومعاهدة صدقي-بيفن التي لعنها الشعب المصري كله قورنت بصلح الحديبية، وقبلها خرج الإخوان المسلمون، وخرج البنا في سيارة حكمدار بوليس مصر المكشوفة ليسهم بنفسه في فض المظاهرات المناوئة لها.

وإضرابات العمال حرام، وعلى العمال “التمسك بالصبر والتعاون مع إخوتهم الملاك”، ومشكلة البطالة تحل بطرد العمال الزائدين عن الحاجة من المدن الكبرى إلى قراهم.. والمرأة لا تعمل، مكانها البيت.. أي ارتداد أكثر من هذا؟! لكن دعوة البنا كانت بذاتها تفسح السبيل نحو مزيد من الارتداد.. ولم يكن بنكيران، وحزب العدالة والتنمية، وحركة التوحيد والإصلاح، وأتباعهم ومسخروهم غير طبعة مغربية أكثر ارتدادا وأكثر تخلفا وأكثر إرهابا.

في عهد بنكيران، رئيس الحكومة والأمين العام لحزب العدالة والتنمية، تم رفع الأسعار، أسعار المحروقات، الفواكه والخضر، اللحوم والدجاج، السردين و”البنان”.. بشكل فاقم من معاناة الشرائح الاجتماعية.. في عهد بنكيران وقع انخفاض عائدات السياحة وتم تسجيل ارتفاع العجز التجاري.. في عهد بنكيران وقع تراجع مداخيل المهاجرين.. في عهد بنكيران سجل المغرب ارتفاعا مهولا في قتلى حادث السير.. في عهد بنكيران تراجع الاحتياطي من العملة الصعبة بالبلاد.. في عهد بنكيران تم تعطيل الدستور والتضييق على الحريات الفردية والعامة.. في عهد بنكيران تم تجميد الحوار الاجتماعي.. في عهد بنكيران لم تحتفل الطبقة العاملة المغربية بعيدها الأممي.. في عهد بنكيران ارتفعت الحركات الاحتجاجية بالمدن والقرى بشكل رهيب ويومي… أمام هذه الحصيلة الكارثية، يصرح بنكيران في قطر أن حزبه “إسلامي” وأن حكومته تحظى برعاية إلهية… فهل الله يرعى حكومة ظالمة؟! وقوله عز وجل يكذب سفسطة بنكيران، “وما ربك بظلام للعبيد” “وما الله يريد ظلما للعباد”… بنكيران يصرح بأن الله “يحمي” حكومته، الرميد يصرح بأن “الله غير محمي”! وكأن الله عز وجل، خالق الكون، العالم المطلق والقادر المطلق والعظيم المطلق… في حاجة إلى حماية العدالة والتنمية! وهذا منتهى الكفر والبعد عن الله تعالى… تصريحات بنكيران ومن معه، تصريحات تفتقد إلى ألف باء التفكير العقلي والمنطقي، وتفتقد إلى مقومات الإيمان الصادق… إن المناصب الحكومية جعلتهم يفسدون السياسة والدين والأخلاق.
يصرح بنكيران، هنا وهناك، بأن المغاربة راضون عن تدبيره ويقبلون كل الزيادات التي قام بها، في المحروقات، الكهرباء والماء، الخبز والزيت، في الأزمة والتأزيم، في البطالة والعطالة، في الاستبداد والتسلط… ونتساءل هل هناك ذو عقد ومنطق يقبل هذا الهراء… هل هناك شعب على وجه الأرض في تاريخ البشرية، يرضى أن تقطع أرزاقه؟! واهم بنكيران إن كان يعتقد بأن المغاربة راضون عن تدبيره اللاعقلاني واللاواقعي، اللاسياسي واللاجتماعي… وما أظنه صادقا في تصريحاته، لأنه لو كان كذلك لواجه المعارضة بقوة الحجة والبرهان، لا بحجة الصراخ والسب.. ولما هرب من جلسة برلمانية دستورية إلى جلسة إخوانية في قطر “يدعو لأندلس إن حوصرت حلب”.

انحدرت الحركة الإسلامية مع العدالة والتنمية إلى سفح السفح، وعرفت السياسة مع بنكيران وجماعته منتهى الرداءة… غاب الخطاب العقلاني المتماسك وحضر الخطاب الميتافزيقي الغارق في الغيبيات القاطع مع الواقع.

يضاف إلى الخطاب الميتافزيقي، كلام مبتذل، يحمل عقدا نفسية، مكبوتات جنسية.. كلام يعبر عن فراغ فكري وجفاف عاطفي.. لقد بشرونا بتطهير أخلاقي، ولما صعدوا كراسي الحكومة طلقوا ما وعدونا به… ولكي يداروا واقعا لا يرتفع حاولوا “بلغة” يختلط فيها الجنس بالميتافزيقا: بنكيران يخاطب ميلودة حازب “ديالي اللي كبير عليك” والرميد يخاطب الصبار “ما هو ردك إن وجدت رجلا مع زوجتك”! وسمية بنخلدون استخارت الله في زواجها بالشوباني.. “الشوباني لذيذ”! هكذا صرحت “بالفم المليان” وهي آنذاك في عصمة رجل.. الزوج الطليق الذي صرح لإخوانه في التوحيد والإصلاح بأن الشوباني ذبحه!
لنخلص، إذن، إلى أن حكومة بنكيران حكومة الفضائح و”طز” في الأخلاق والكراسي أحلى.. فضائح بالجملة.. شوكولاطة، كراطة، صفقات وتوظيفات.. ترقيات للكاتبات الخاصات جدا.. حب وغرام.. زواج وتعدد.

 

لما تم تنصيب حكومة بنكيران، صرح الخلفي بأن وزراء العدالة والتنمية لا يغيرون أرقام هواتفهم ولا يغيرون زوجاتهم.. واليوم، ماذا سيقول الناطق الرسمي باسم حكومة بنكيران… ولن أقول: تغيرتم وغيرتم، بل أقول لقد كشفتم عن هويتكم وحقيقتكم.. ماتت الميتافزيقا.

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

حتى  لا تتحول مجالس الحكامة الى آلية للتحكم

اليوم يفتتح ذ.إدريس لشكر المؤتمر الوطني لقطاع المحامين

الأغلبية تظهر «وحدة الواجهة ـ الفاصاد»، وواقع مكوناتها يؤكد ما قاله الاتحاد وكاتبه الأول..

المجد للشهداء في الأعالي، وعلى الوطن السلام!