البيان العام

 

إن عالم اليوم يتميز بتحولات عميقة وحاسمة تتمثل في بروز نمط جديد للتراكم في النظام الرأسمالي العالمي وذلك من خلال اعتماده صيغا متقدمة للتكنولوجية تعيد هيكلة اقتصادياته المركزية وتسير به من خلال ما يسمى بالأزمة العالمية إلى تشكيل نظام دولي جديد تتسم المرحلة الراهنة من إقراره بالمميزات الأساسية التالية:

1)    تباعد المسافة بين المستويات الدخل والإنتاجية والتحكم في التطبيقات العلمية في البلاد المتقدمة من جهة، والبلاد النامية من جهة أخرى. وبالتالي بروز أشكال جديدة ومتطورة للسيطرة والتبعية على المستوى العالمي.

2)    تهميش التصورات الإيديولوجية المبنية على نموذج الأنماط المجتمعية المتصاعدة في العلاقات الدولية على صعيد الدول كما على صعيد الحركات السياسية، لشعارات التحالف العقائدي والتضامن الإيديولوجي وذلك لفائدة المنافع الاقتصادية والمرامي الإستراتيجية المنطلقة أساسا من المصالح القومية.

3)    احتداد الصراع وتفاقم التسابق نحو التسلح بين الكتل الكبرى في العالم وميلها إلى تحين كل فرصة لإذكاء بؤر التوتر والمجابهة قصد احتلال المواقع الإستراتيجية والمحافظة على مناطق النفوذ أو توسيعها عن طريق التدخلات المقنعة او السافرة التي تستهدف أساسا حركات التحرر الوطني والحركات الديمقراطية.

إن هذه المعطيات والحقائق الموضوعية التي تفرض نفسها على الساحة الدولية لا يجدر بنا، كحركة تقدمية أصيلة، أن نعتمها أثناء تحليلنا للواقع وتقييمنا للسبل المتاحة لنضالنا وتحديدنا لأهدافنا المرحلية مع تشبثنا بالمثل العليا الفكرية والتوجهات العقائدية التي نؤمن بها والتي تبرز أمالنا وتحفزنا على النضال من أجل غد أفضل.

فمغرب اليوم بثقله الديمغرافي ومقوماته التاريخية ومقدراته الاقتصادية والإستراتيجية يواجه تحديات تهدد وحدته الترابية وكيانه الوطني وتطوره الاقتصادي ومناعته الدولية وذلك في محيط إفريقي تحدق به، نظرا لعوامل تاريخية واقتصادية ولطبيعة الأنظمة السائدة فيه، مخاطر مرحلة قد لا تكون قصيرة من عدم الاستقرار والتوترات المحملة بكل أسباب التدخلات الخارجية والتبعية الاقتصادية والعسكرية.

ومغرب اليوم مفروض عليه ان يكون متوفرا، وفي خضم الوضع الدولي المشار إليه، على جميع الشروط الموضوعية والذاتية التي تؤهله للتصدي لهذه التحديات. بل ولتجاوزها في اتجاه تمتين وحدته الوطنية وتقويم بنياته الاقتصادية ووضع الأسس الصحية لبناء مجتمع المستقبل ، مجتمع الاشتراكية والرقي الثقافي والإشعاع الحضاري.

والمؤتمر الوطني الرابع للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إذ يعبر عن هذه القناعات المنسجمة مع المتطلبات الوطنية للمرحلة الراهنة المستمدة من منهجية التحليل العلمي والوجدان الاتحادي الذي صاغته سنوات النضال والصمود والتحدي، يعتمدها مقياسا لتقييم الأوضاع السائدة في البلاد ومنطلقا لتحديد توجهات عمله المستقبلي وهي لذلك يصادق بالإجماع على التقرير العام الذي قدمه للمؤتمر باسم المكتب السياسي الأخ عبد الرحيم بوعبيد الكاتب الأول للحزب ويعلن:

1-    فيما يخص القضية الوطنية :

أ – إن استرجاع المغرب للصحراء المغربية مرحلة حاسمة في استكمال الوحدة الترابية الوطنية وإذا كانت الظروف السائدة في المنطقة قد فرضت على المغرب ان يؤدي ثمن هذه المرحلة من عرق جبينه وحياة أبنائه فإنه مستعد للمزيد من التضحيات معتبرا إياها ضريبة الدفاع عن هويته والحفاظ على مقومات وجوده.

ب – إن التحكم المطلق للقوات المسلحة الملكية في الوضعية العسكرية بالأقاليم الصحراوي هو الضمانة العملية لممارسة مبادىء احترام السيادة الوطنية وحرمة الحدود الموروثة عن الاستعمار في الأقاليم الصحراوية التي استرجعها المغرب وفقا لمقتضيات التاريخ والقوانين الدولية وإرادة الشعوب كما أن هذا التحكم هو الضمانة  لردع كل حركة انفصالية تستمد وجودها من الدعم الخارجي . فهنيئا لهذا الشعب لروحه الوطنية وقدراته النضالية وتحية اعتزاز وفخر للقوات المسلحة الملكية وعلى رأسها قائدها الأعلى صاحب الجلالة على ما حققه للوطن من أسباب الاطمئنان على وحدته الوطنية والحفاظ على كرامته الوطنية .

ج- إن المنجزات في ميدان التجهيزات الأساسية والتنمية الاقتصادية والمنشآت التعليمية والعمرانية التي تشهدها الأقاليم الصحراوية لتعطي دليلا واضحا على مدى ما يمكن أن تحققه تعبئة الموارد المتوفرة والإجماع الوطني والحماس الشعبي من مظاهر التقدم والنمو، إنها إلى جانب التحكم في الوضعية العسكرية من أهم عوامل تدعيم قدرة المغرب على مجابهة تحركات خصومه في الساحة الديبلوماسية وفرض احترام حقوقه المشروعة في المحافل الدولية .

د- إن عمل المغرب في الميدان الخارجي لم يكن دائما رغم ذلك في مستوى انتصاراته العسكرية وانجازاته العمرانية في الأقاليم الصحراوية. فممارسات الديبلوماسية المغربية لم تطبعها في كثير من الأحيان ما كانت تقتضيه خطة الخصوم الثابتة والمنسقة من ضرورة الصرامة والاستمرارية والحضور المكثف، بل إن بعض المبادرات الارتجالية قد أضرت بوضوح رؤية بعض الأطراف الصديقة، في حين اعتمدت عن البعض الآخر حقيقة وأبعاد التوتر السائد في المنطقة.

ه- إن الآفاق التي تنفتح أمام منظمة الوحدة الإفريقية                                                                                                                                                                                                                 هي آفاق محملة بمخاطر التصدع والانفجار ، وإذا كانت بعض الدول الإفريقية تريد أن توهم الرأي العام أن عناصر هذه المخاطر تتمحور حول قضية الصحراء المغربية، فان الحقيقة هي أن عجز المنظمة يستمد عناصره من تخليها عن بعض الأهداف الأساسية لميثاقها وخصوصا في محاربة الاستعمار العنصري ومساندة حركات التحرر الحقيقية في إفريقيا بالذات .

و- إن خطة دبلوماسية هجومية ومكتملة وواضحة لمن شأنها، إذا ما توفرت شروط تطبيقها بكل يقظة واستمرارية واعتمادها على حملات تفسيرية ومكثفة ومنسقة، أن تفرض قرار السلام في المنطقة عن طريق تعرية حقيقة موقف الخصوم على الساحة الدولية وفرض توجه على إقرار سلام دائم في اتجاه التكامل والوحدة بين أقطار المغرب العربي . ذلك هو السبيل القويم لتجنيب منظمة الوحدة الإفريقية استمرار التعثر في حل القضايا المصطنعة ولتوحيد صفوف أعضائها من اجل مجابهة القضايا الإفريقية الأساسية ، وذلك هو السبيل الحقيقي لتعبئة الطاقات النضالية لشعوب المغرب العربي ضد الامبريالية والصهيونية ومن اجل المساندة العملية والفعالة للحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني في تحرير أرضه وإقامة دولته الوطنية .

ز- إن أواصر التاريخ والثقافة والدين التي تجمع بين شعوب  المنطقة وكذا آفاق مصيرها المشترك يدعونا اليوم جميعا في التحلي بالتعقل والحكمة وروح المسؤولية وان نلتزم باحترام الحدود الترابية الوطنية لدول المنطقة وبنبذ كل الحركة الانفصالية في المغرب العربي . وإننا لنعبر عن أملنا في أن نضالنا ضد الاستعمار ودماء شهدائنا الأبرار وتطلعات شعوبنا ستفرض سبيل الحوار والتفاهم بين المغرب والجزائر وبالذات بين جبهة التحرير الجزائرية والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية من اجل الوصول إلى حل لمشاكلنا على أساس اعتبار أن قبول المغرب بمسطرة استفتاء لتقرير المصير يعبر سكان الأقاليم الصحراوية  بواسطته عن إرادتهم بحرية وتحت المراقبة الدولية، وهو أقصى ما يمكن للمغرب أن يقدمه من تنازل في هذا المجال فدية لقضية المغرب العربي.

ح- إن الشعب المغربي لا يمكنه إلا أن يتوق إلى السلم وتجاوز التوترات المصطنعة، وهو الذي لازالت مطروحة أمامه مهام وطنية أساسية يريد أن يصب كل اهتماماته عليها وعلى رأسها قضية تحرير  سبتة وامليلية والجزر الجعفرية وإننا لنعبر بهذه المناسبة لجارتنا في الشمال عن تصميم الشعب المغربي على استرجاع كل شبر من أراضيه في الشمال وعن استعداد بلادنا لفتح ملف هذه القضية  بإرادة التوصل إلى ما يضمن سيادتها على المناطق المعنية ويحافظ على المصالح المشروعة للجالية الاسبانية المقيمة بها في اتجاه تقويم أواصر الصداقة والتعاون بين الشعبين المغربي واسباني .

2– في الميدان الاقتصادي والاجتماعي :

أ‌-       إن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، لم يفته منذ الستينات يندر بالعواقب الوخيمة التي تنجم على كل سياسة اقتصادية واجتماعية موروثة عن الاستعمار، ويتضح اليوم أن الواقع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي في بلادنا هو بكل أسف أدهى مما  كان الاتحاد يصدره من توقعات، وان التشاؤم الذي كان يصطبغ به خطابه كان يرتكز على أسس موضوعية لا دخل لاعتبارات مزاجية ولا ذاتية فيها . لقد اتضح أن الليبرالية الاقتصادية كانت شعارا تم باسمه وتحت غطاء المغربة ، تحويل ثروات البلاد إلى فئة معينة من البورجوازية بمساعدة الدولة وتحت ضمانتها في قطاعات المعادن والصناعة والأبناك والتجارية الداخلية والخارجية، نفس الحجم الذي تم به تمركز الملكية العقارية ووسائل الإنتاج الأخرى في القطاع الزراعي.

ب‌-   وإذا كانت هذه السياسة قد استطاعت ان توجه مجال تراكم الرأسمالي بين يدي فئة من البورجوازية فإن نمط هذا التراكم لم يستمر طوال هذه السنين إلا بفضل ما كان متوفرا لدولة من وسائل التقليص من حدة التناقضات الاجتماعية المتولدة عنه وذلك بالخصوص عن طريق تشجيع الهجرة إلى الخارج وفتح أبواب التوظيف على مصراعيه وعلى الخصوص في الإدارة والقطاع العمومي والشبه العمومي، وتوزيع أقساط من الأراضي المسترجعة على بعض الفلاحين، وتوسيع شبكة الاقراض في البادية، مما كان يفتح مزيدا من فرص الارتقاء الاجتماعي وذلك في إطار مجتمع كانت بكل تأكيد تلعب فيه التضامنات العائلية دورا أكثر حيوية من اليوم إلا أن ما صاحب ذلك في نفس الوقت هو توطيد التبعية الاقتصادية للبلاد عن طريق تكييف الإنتاج الوطني حسب متطلبات السوق الخارجية وتهميش حاجيات السوق الداخلية ومزيدا من الفوارق الطبقية في البادية والمدن.

ج- إن منطق النمط الليبرالي قد أدى من جهة أخرى إلى مزيد من عجز الميزان التجاري وميزان العمليات الجارية نتيجة تفضيل الصادرات وتهميش الحاجيات الخارجية ، كما أدى من جراء ذلك إلى الاعتماد المتصاعد على الديون الخارجية حتى وصل حجم مستحقاتها ثلث المصاريف المقدرة للميزانية العامة للدولة وأكثر من أربعين في المائة من مجمل المداخيل العادية الخارجية . فأي عجب والحالة هذه أن تصبح بلادنا تحت رحمة الأبناك العالمية المقترضة وصندوق النقد الولي الناطقين باسمها وان تفرض عليها هذه المؤسسة بالذات مزيدا من تقليص النفقات الاجتماعية والحد من استهلاك الجماهير الشعبية بتوفير إمكانيات تسديد هذه الديون التي تتحمل الحكومات المتوالية مسؤولية تفاحشها وخصوصا منذ عشر سنين كما تتحمل مسؤوليتها أيضا الأبناك المقرضة نفسها التي لم تتحفظ في إثقال كاهل بلادنا بقروض هائلة توظيفا لفائض الرساميل المتوفرة في الأسواق الدولية في حفنة معينة وسعيا وراء الأرباح المتعاظمة على حساب مقدرات الفائض  الوطني  للبلاد.

د- إن صندوق النقد الولي أصبح يلعب دور الوصي على اقتصاديات الدول النامية للمدينة، دون أن يكون لهذه الأخيرة بحكم ضعف وتبعية هياكلها الاقتصادية والمالية والسياسية وانعدام أواصر التضامن بينها ن أي اثر ملموس في توجيه النظام النقدي في العالم، إن هذا الصندوق انطلاقا من هذا الموقع يقترح على بلادنا توجيهاته الجاهزة التي تتمحور حول هدف تقويم ميكانيكي الحسابي لاختلال التوازنات المالية الداخلية والخارجية دون مراعاة مقتضيات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المشروعة التي تطمح إليها بل وعلى حسابها. إن الوصفة العلاجية المعروضة علينا والمتضمنة تقليص اعتمادات المصاريف الاجتماعية، بل وحتى استثمارية للميزانية العامة للدولة وإقرار ما يسمى بحقيقة الاثمنة وتخفيض قيمة عملتنا الوطنية مع اعتماد الباب المفتوح في ميدان الاستيراد، لا يمكن أن يؤدي إلا إلى مزيد من المس بالقوة الشرائية للجماهير ومن انكماش السوق الداخلية على حساب الاستثمار والتشغيل، ومن تراجع في ميدان التعليم والمرافق الأخرى المرتبطة بالحاجيات الأساسية للجماهير . وجملة القول أن من شأن هذه الوصفة العلاجية أن تؤدي بالبلاد إلى مزيد من التبعية والتخلف نظرا لطبيعة بنيانها الاقتصادي والاجتماعي وللوضعية الراهنة للاقتصاد العالمي وما يطبع العلاقات التجارية فيه.

ه – إن التقويم الاقتصادي لا يمكن أن تتوفر أسبابه إلا باعتماد خطة تأخذ بعين الاعتبار معوقات الاختلالات المالية الداخلية والخارجية دون أن تقف عند حدها . وهذه الخطة لا يمكن أن تندرج إلا في إطار رؤية شمولية هي عبارة عن قطيعة منهجية مع نمط التراكم الليبرالي المتخلف الذي يقضي منطقه حتميا بتفضيل الاستهلاك الخارجي والحاجيات الكمالية لفئات محدودة في المجتمع وتوجيه أهم إمكانات الدولة إلى تجهيزات أساسية والقطاعات الإنتاجية التي تيسر له الاستمرار مع يرافق ذلك من تصاعد حاجيات الاستيراد وتعاظم الديون الخارجية. إن هذه القطيعة  هي قطيعة مع الاختيارات التي أدت بالبلاد إلى وضعيتها المتدهورة الحالية وهذا يتطلب مخطط متوسط المدى من شأنه:

1-    أن يعيد للقطاع العمومي والشبه عمومي وظيفته الأصلية القاضية باضطلاعه بدور المحرك الاستثمار في كل القطاعات والمحفز للمبادرات . وبالذات منها ما يتجه لإشباع حاجيات السوق الداخلية ويتيح تقوية النسيج الصناعي في اقتصادنا عن طريق المقاولات الصغيرة والمتوسطة على الخصوص .

2-    أن يعتمد الحاجيات الشعبية في ميدان التجهيزات الاجتماعية والثقافية لتوسع السوق الداخلية المتاحة وجعل هذه الحاجيات أرضية لتوسيع حركة الاستثمار والتشغيل .

3-    أن يستمد أسباب النهوض بالإنتاج الفلاحي من إمكانيات توزيع الأراضي المتوفرة على الفلاحين وإشغال الاستصلاح والتجهيز القروي عموما وتطبيق شروط إلزامية الاستغلال الزراعي والقضاء على احتكار الأراضي الفلاحية وذلك اتجاه تمهيد الحاجيات الغذائية في إطار آفاق إصلاحي شامل.

4-    أن يعيد هيكلة القطاعات الصناعية على أساس توسيعها وتقوية نسيجها وتحفيز توجهها إلى الاعتماد أولا على تزويد السوق الداخلية وتنويع أسواقها الخارجية تنويعا ما يتلاءم مع متطلبات السياسة الجديدة والتعاون الدولي تعتمد تكسير قيود التبعية الحالية .

5-    التحكم في عمليات استيراد بحيث تضمن الاستجابة الفعالة لحاجيات التجهيز والمواد الأولية والغذائية الضرورية بعيدا عن التدخلات البيروقراطية والمضاربة والمحسوبية.

و- إن وسائل التمويل في إطار هذا المخطط يجب ان يستمد من مواردنا الداخلية بالأساس عن طريق تعبئة الادخار الوطني، مما يقتضي إعادة النظر في دور الابناك وتوجيه عملياتها إلى التوظيفات الإنتاجية بدل التوظيفات التضاربية ، وكما يقتضي عند الحاجة اللجوء إلى الوسائل النقدية وذلك في إطار يحدد ضوابط معقولة لهذا اللجوء يأخذ بعين الاعتبار سرعة مردود المشاريع الممولة وحجم حاجياتها الاستيرادية وقدرتها على توليد فرص إضافية للاستثمار والتشغيل.

ز- إن هذه التوجهات لا يمكن أن يكون لها مفعول مباشر ولا يمكن أن تساهم في إحداق التحولات التحررية المرجوة في المدى المتوسط إلا إذا ارتكزت على سلسلة متكاملة الحلقات من الإجراءات الفورية التي لا يمكن التعرض إليها إلا بإيجاز، علما بأن جردها وتطبيقها لا يمكن أن يتم إلا في الوقت المناسب وفي إطار الهيآت التقريرية للحزب وتهدف هذه الإجراءات من بين ما تهدف إليه:

–         مراجعة نمط التسيير في الإدارة والقطاع العمومي والشبه عمومي على الخصوص في اتجاه عقلنة اختياراته وتسييره والقضاء على انعدام المسؤولية والتسلط والمحسوبية والرشوة في عدد غير قليل من مؤسسات ومرافقه.

–         إقرار وتطبيق قواعد سلوكية تضمن من جهة أخلاقية المعاملات بين الإدارة والقطاع الخاص ومن جهة أخرى تأدية هذا القطاع لواجباته اتجاه الدولة والتشغيل وحقوق العمال وتنظيماتهم النقابية .

–         مراجعة علاقات الأجهزة الإدارية بالمواطنين عموما وفي البادية بالذات اتجاه تحسين الخدمات واحترام الأفراد والجماعات وضمان ممارسات حقوقها دون حجز أو تجاوز للسلطات.

–         تحفيز ممارسة الجماعات المحلية لاختصاصات كاملة في اتجاه تقوية مبادراتها في ميدان الاقتصاد والتشغيل والخدمات الاجتماعية.

–         مراجعة أنماط ومقاييس التسيير في المرافق التعليمية الاجتماعية في اتجاه رفع مردودها وتحسين مستوى خدماتها وإقرار علاقات التعاون والمساهمة فيما بينها وبين المعنيين بتدخلاتها .

ح- إن الغرض الأساسي من الإجراءات الفورية الضرورية هو تعبئة أكثر ما يمكن من الموارد المتوفرة والتي هي اليوم موضوع التبذير أو التحويل بفعل سوء التصرف والرشوة وانعدام المسؤولية. كما أن الغرض منها هو إحداث رجة نفسية تعبوية تضمن توفر إرادة التجاوز والاستعداد للجهد وتقبل النضال من اجل تحقيق أهداف الخطة المتوسطة المدى المشار إليها أعلاه ، وذلك في إطار وضوح الآفاق ومساهمة الجماهير الشعبية .

ط- إننا لا نتجاهل ما للتأثير للوضع الاقتصادي الدولي وارتفاع الدولار والظروف المناخية الغير الملائمة من تأثير على ما تعاني منه بلادنا من أزمة . إلا إننا نعتقد أن تجاوز هذه العوامل ممكن إذا اتجهت البلاد إلى انطلاقة اقتصادية واجتماعية في إطار الاختيارات التي اوضحناها على أساس تخطيط ديمقراطي وإجراءات تصحيحية سليمة .

3/ على المستوى السياسي  :

أ‌-       إن أي مخطط أو إجراء لا يمكن أن يأتي بالنتيجة المرجوة إلا إذا تم وضعه وتطبيقه وتنفيذه على أساس ديمقراطية صحيحة تضمن المساهمة الحرة والواعية للجماهير الشعبية عن طريق منظماتها النقابية والسياسية الحقيقية وذلك في جو عام تحترم فيه الحريات الخصية العامة للأفراد والجماعات.

إن تنظيم انتخابات حرة ونزيهة وبعيدة عن تحيز الجهاز الإداري وتدخلاته في تكييف إرادة الناخبين وتزييفها، وكذا ضمان إقرار سلطة حكومية كاملة المسؤولية تخضع للمراقبة والمتابعة بشكل ديمقراطي كما ورد ذلك في تقرير المكتب السياسي ، وان تكون بديلا نوعيا تترابط عناصره بكيفية جدلية، من شأنه أن يخلق الأمل ويعبىء الطاقات الشعبية لبناء مغرب جدي.

ب‌-  إن البرامج التقويمية سواء على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي السياسي مهما كانت صلاحياتها وملائمتها للواقع تبقى مجرد خطاب نظري إذا لم تستوعب من طرف المناضلين بإطارها الإيديولوجي ومراميها الجدلية ولم تصبح جزءا من قناعات الجماهير وعاملا لتعميق وعيها حتى تتحول إلى قوة فاعلة في عملية التطوير المنظم للصاع الاجتماعي والسياسي.

ج- الحقوق الديمقراطية بما تقتضيه من احترام للحريات العام ومن نزاهة الانتخابات ومن الاعتراف بمشروعية النضال الاجتماعي السياسي والثقافي منوطة قبل كل شيء بقدرة المناضلين على فرضها في واقع العلاقات الاجتماعية والسياسية. أن تحقيقها مرتبط في آخر المطاف بمستوى تنظيم الحزب ووعي أطره وقواعده وبمدى تأثيره الأيديولوجي والسياسي في أوساط الطبقة العاملة والفلاحية ومختلف الفئات الشعبية و المثقفين ، لذلك فإن المناضلين مدعوون أكثر من أي وقت مضى إلى تكثيف الجهود من اجل تقوية الأداة الحزبية وتواجدهم في التنظيمات النقابية الديمقراطية ومن بينها الكونفدرالية الديمقراطية للشغل والنقابة الوطنية للتجار الصغار والمتوسطين.

د- إن مساندتنا العملية والسياسية للكنفدرالية الديمقراطية للشغل بالذات على أساس أنها منظمة ديمقراطية مستقلة التنظيم والتسيير والتقرير ، مفتوحة في وجه كل العمال دون أي اعتبار لالتزامهم السياسي أو مشاربهم الايديولوجية، هي مساهمة في تحقيق وحدة الطبقة العاملة، تلك الوحدة التي تعتبر عاملا من عوامل اكتمال شروط عملية التغيير الديمقراطي وفتح آفاق البناء الاشتراكي الحقيقي، فعلى المناضلين في كل القطاعات أن يندمجوا في صفوف الكنفدرالية الديمقراطية للشغل ويعملوا على تمتين بنياتها وتوسيع قاعدتها والحرص على استمرار ديمقراطية تسييرها، إن ذلك من صميم النضال من اجل الديمقراطية الحق في هذه البلاد، وان ذلك لهو الخيار الطبيعي والمسؤول لكل من يعتمد وحدة الطبقة العاملة على أسس ديمقراطية ضمانا للغد الديمقراطي والمستقبل الاشتراكي .

ه- إننا بهذه المناسبة نجدد تحيتنا النضالية للكنفدرالية الديمقراطية للشغل والنقابة الوطنية للتجار الصغار والمتوسطين والنقابة الوطنية للتعليم العالي ، قاعدة وأطرا وقيادة، ونعبر لها عن تضامننا واعتزازنا للدور الذي تقوم به والرسالة التي تأخذها على عاتقها والذي يؤدي عدد كبير من المناضلين ثمنها غاليا بالاعتقالات والطرد من العمل وللقمع المقنع والسافر والاهانات الممنهجة، كما نعلن بهذه المناسبة كذلك عن مساندتنا اللامشروطة للعمال المغاربة في الخارج الذين يعيشون اليوم تحت تهديد إقفال أبواب العمل في وجوههم وقرارات إرجاعهم إلى وطنهم بعدما قضوا حيزا من حياتهم في المهجر ضحية الاستغلال الرأسمالي.

و- إن اختياراتنا المذهبية إذا كانت تفرض علينا تضامنا مطلقا مع الطبقة العاملة فإن هذا التضامن لا يتعارض مع تعاملنا مع كل التنظيمات الجماهيرية النقابية منها و المهنية والثقافية ، والسياسية التي تعبر تعبيرا مستقلا عن مصالح الفئات الاجتماعية التي لها أهداف ديمقراطية بل إن هذه الاختيارات تقتضي منا ذلك، علما بأن التعبيرات الطبقية الواضحة هي أساس التعددية الحقيقية وهي عنصر من عناصر التطور المجتمعي والتحول الديمقراطي. لذلك فإننا نندد بتدخلات الإدارة في توجيه وفرض نتائج الانتخابات وبطبخها لمنظمات سياسية ونقابية وثقافية مزيفة دورها تمييع النشاط السياسي في البلاد وتضبيب الصورة الحقيقية للخارطة السياسية التي يفرزها الوضع الطبقي الحقيقي على الساحة الوطنية. إن مقياس المصداقية أي منظمة ليس خطابها بل ربطها العملي لتزييف الإرادة الشعبية والدفاع المسؤول عن الحريات العامة .

إن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي كان دائما في مقدمة النضال من اجل الديمقراطية الحق ليطالب من جديد باحترام الحريات العامة ورفع قرارات التوقيف والرقابة التي تستهدف الصحافة الوطنية ، كما يرفع صوته من جديد وبكل إلحاح بالمطالبة بإرجاع النقابيين الموقوفين إلى عملهم وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين والنقابيين وفسح المجال لهم حتى يساهموا في بناء وطنهم والدفاع عنه حاليا ومستقبلا.

 

إن المؤتمر وهو يعلن عن التوجهات والقرارات التي يراها ضرورية للخروج بالبلاد من المأزق الذي تتردى فيه، ليفعل ذلك في إطار وعيه بالرسالة التاريخية التي يتحملها الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والتي قدم من أجلها مزيد من الضحايا والشهداء . إن هذه الرسالة لتفرض على الاتحاديين جميعهم الاستمرار في الوفاء لهوية حزبهم التعبئة من أجل انجاز مهامه الوطنية والتقدمية على درب بناء مجتمع الغد، مجتمع التحرير والديمقراطية والاشتراكية والمحافظة على مقومات حضارتنا المغربية ذات العمق و الطابع العربي الإسلامي الأصيل.

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

شريط وثائقي يضم مسيرة حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية خلال ستين سنة

البيان العام للمؤتمر العاشر للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية – 2017

المؤتمر الوطني العاشر للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ببوزنيقة 2017: التقرير الأدبي

مشروع المقرر التوجيهي 1: اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني العاشر تنجز 14 وثيقة وتقدم 8 عروض وتنظم يومين دراسيين