لم نعثر في مشروع القانون – الإطار على الأبعاد التي نؤكد على أهميتها الجوهرية في ميثاق الاستثمار

عقدت لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، زوال أمس، لقاء خصص للمناقشة العامة لمشروع قانون المالية ، والذي عرف تدخلا للفريق الاشتراكي في شخص رئيسه وتطرق إلى ضرورة نص تشريعي بجودة عالية.
عبد الرحيم شهيد، رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس النواب ، دافع، خلال اللقاء، على أهمية إزالة كل الحواجز من أجل النهوض بالاستثمار وصياغة ميثاق جديد، مضيفا أن « الهاجس الذي ينبغي أن يشغلنا هو أن نوفر لبلادنا مشروعا شاملا ومتكاملا ينهي مع الاحتكار والريع وممارسات الفساد، وغياب المنافسة القانونية والأخلاقية، ويؤسس لاستثمارات ناجعة ومستدامة تعي جيدا المسؤولية الاجتماعية، وتستحضر البعد البيئي ومقاربة النوع من أجل الإسهام الفعلي في تحقيق التحول التنموي المنشود». وأضاف رئيس الفريق الاشتراكي في كلمة أثناء المناقشة العامة لمشروع قانون– إطار رقم 03.22 بمثابة ميثاق الاستثمار، خلال اجتماع لجنة المالية والتنمية الاقتصادية، «نعيش اليوم لحظة إعادة تأسيس وتأصيل بامتياز بتقديم مشروع القانون – الإطار رقم 03.22 بمثابة ميثاق الاستثمار الذي يعد نصا تشريعيا أساسيا من بين النصوص الضرورية لتفعيل النموذج التنموي الجديد.»
وفي ذات السياق اعتبر شهيد أنها لحظة مشهودة لأنها تتعلق بمشروع قانون – إطار لطالما دعا جلالة الملك في العديد من الخطب السامية إلى إخراجه إلى حيز الوجود، ولطالما انتظره المغاربة والمستثمرون من أجل تحقيق الانتعاش الاقتصادي الذي تحتاجه بلادنا في هذه الظرفية الصعبة.
وبالموازاة مع ذلك، نبه رئيس الفريق الاشتراكي الى أهمية مشروع القانون – الإطار وبعده الاستراتيجي في المنظومة الاقتصادية الوطنية وفي المسار التنموي للبلاد، مبرزا في نفس الوقت أن هذا المشروع يتطلب منا، كفاعلين سياسيين وبرلمانيين، الخوض في تفاصيله بنوع من الدقة والقيام بمناقشة عميقة وهادئة لمختلف مواده ومقتضياته، مؤكدا على أن مثل هذه النصوص التشريعية الاستراتيجية لا تحتمل السرعة في تمريرها كباقي النصوص التي أرادت الحكومة اعتمادها بسرعة البرق خلال السنة التشريعية الأولى من الولاية البرلمانية الحالية.
وأشار شهيد إلى أن الغاية من مناقشة مشروع القانون – الإطار بمثابة ميثاق الاستثمار لا تكمن في الاصطفاف مع الأغلبية أو الدفاع عن رأي المعارضة، بل تكمن أساسا في إنتاج نص تشريعي بجودة عالية، لما له من آثار إيجابية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية على المدى المتوسط والبعيد
وذكر نفس المتحدث أن المناقشة العامة لمشروع القانون – الإطار رقم 03.22 بمثابة ميثاق الاستثمار تقتضي منا استحضار التطور التاريخي للمنظومة التشريعية في مجال الاستثمار للوقوف على التراكمات التي حققتها بلادنا.
ولفت رئيس الفريق الاشتراكي إلى أن الهدف من هذا الاسترجاع التاريخي هو استيعاب المعيقات والاختلالات التي اعترضت الاستثمار الخاص، والعمل جميعا على ابتكار الحلول الملائمة لجلب الاستثمارات الناجعة والمؤثرة اجتماعيا وتنمويا.فقد انتظرت البلاد حتى سنة 1995 لكي تعتمد نصا قانونيا موحدا للاستثمار يستجيب للمعايير الدولية التي كان معمولا بها آنذاك في ما يتعلق بالحكامة والشفافية، وتحسين مناخ الأعمال وإقرار التحفيزات الجبائية والإدارية. وهو ما مكن من تحقيق العديد من المكتسبات الاستثمارية التي ساهمت في تطوير المنظومة الاقتصادية الوطنية، خاصة في فترة حكومة التناوب التوافقي.
غير أن تسارع التحولات الاقتصادية الدولية وتراخي النموذج الاقتصادي الوطني بعد ذلك، أثر على المنظومة الاستثمارية التي أصبحت تعاني من العديد من الاختلالات البنيوية نتيجة عدم القدرة على المواكبة وتجديد الآليات التحفيزية لتشجيع الاستثمار الوطني وجلب الاستثمارات الأجنبية. ولذلك، ظل الاستثمار محدود الأثر على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي حيث لم يتجاوز المعدل العام للنمو طيلة 20 سنة نسبة 3,2 %، ولم يستطع خلق فرص الشغل اللازمة، وبقيت حصة الاستثمار الخاص ضعيفة مقارنة مع هيمنة الاستثمار العمومي.
ولعل نقطة التحول البارزة في مساءلة المنظومة الاستثمارية الوطنية تمثلت في الدعوة الملكية السامية إلى إعادة النظر في النموذج الاقتصادي الوطني الذي لم يعد قادرا على مسايرة التحولات الاجتماعية وإحداث الإقلاع التنموي الشامل. وقد أفرد جلالة الملك في خطاباته السامية حيزا مهما للنهوض بالاستثمار وتعزيز موقعه في المنظومة الاقتصادية الوطنية، وخلق الثروة وتوزيعها بشكل عادل بين مختلف الفئات المجتمعية.
وأكد رئيس الاشتراكي، على « إننا كمعارضة بناءة ومسؤولة، سنحرص على أن نكون قوة اقتراحية لإثراء محتويات مشروع القانون – الإطار المعروض على أنظار اللجنة، وسنعمل على تقديم التعديلات التي نراها ضرورية لكي يكون المشروع شاملا ومتكاملا. والهدف من ذلك أن نصوغ ميثاقا يهدف، في المبتدأ والمنتهى، إلى خلق دينامية استثمارية تنعكس بشكل إيجابي على تقوية التماسك الاجتماعي وتوسيع دائرة العدالة الاجتماعية.»
ومن جهة أخرى سجل رئيس الفريق الاشتراكي على أن «انطلاقنا من المبادئ الاشتراكية الديمقراطية، والايمان القوي بالدولة العادلة القوية والمجتمع الحداثي المتضامن، يجعلنا أكثر ترافعا على مبادئ التنافسية والشفافية والعدالة في التأطير القانوني للاستثمار داخل البلاد».وشدد في هذا الصدد، على أن تشجيع رأس المال الوطني المنتج والمشغل والمبدع، يقتضي القطع مع اقتصاد الريع والمضاربة والاحتكار، معتبرا في نفس الآن أن السياسة الجبائية المنصفة والمتوازنة، ومنع التهرب الضريبي، والخروج التدريجي من الاقتصاد غير الميهكل، ضرورة قصوى لأية دينامية استثمارية.واعتبر كذلك أن نهج النمو الأخضر القائم على الاستثمار المستحضر للأبعاد الإيكولوجية والبيئية، شرط أساسي للتنمية المستدامة والتكامل التنموي بين مختلف الجهات، مضيفا أن تطوير المقاولات الصغيرة والمتوسطة مدخل إجباري لتقيوة النسيج المقاولاتي والرفع من تنافسيته الاستثمارية، متأسفا على أنه لم يتم العثور في مشروع القانون – الإطار على هذه الأبعاد التي يؤكد الفريق على أهميتها الجوهرية في ميثاق الاستثمار.
وقال رئيس الفريق الاشتراكي «خاب أملنا في أن نجد تحفيزات هيكلية للاستثمار الخاص بدل منح مالية مجردة عن السياق المختل لمناخ الأعمال، أن نعثر على مقتضيات تلغي مختلف التراخيص والأذونات وتعوضها بدفتر تحملات والتزام بالنتائج، و في العثور على مواد تيسر الولوج إلى التمويل البنكي من خلال إنشاء بنك عمومي للاستثمار، ومراجعة نظام الضمانات البنكية، وخلق بدائل واضحة وملموسة للتمويل. ثم لم نجد أثرا لتحفيزات جبائية وإعفاءات ضريبية للحد من الفوارق المجالية وتقيم التمييز الإيجابي لفائدة الجهات الأكثر هشاشة والمناطق المهمشة، وعلى رأسها جهة بني ملال خنيفرة وجهة درعة تافلالت وجهة كلميم واد نون. كما أنه لا وجود لأية التزامات تفرض على الشركات الكبرى والاستثمارات الضخمة أن تتحمل مسؤوليتها الاجتماعية تجاه محيطها، بما يجعلها معنية اقتصاديا وماليا بالتنمية البشرية والاجتماعية للمجال الذي تشتغل فيه.

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

الكاتب الأول الأستاذ إدريس لشكر يترأس المجلس الجهوي الموسع بجهة مراكش -أسفي

انتخاب الاخ سعيد بعزيز رئيسا للجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان

انعقاد المؤتمر الثامن لإقليم الرباط

خلال التجمع الجماهيري لدعم الاخ محمد ياسر الجوهر بفاس: إجماع المتدخلين على فشل الأداء الحكومي