تداول الاجتماع الوزاري غير الرسمي لمنظمة التجارة العالمية المنعقد بمراكش أيام 9 و10 أكتوبر، مختلف التحديات التي تواجه المنظمة العالمية التجارية، ولم تخف تدخلات الدول المشاركة درجة قلقها في قراءة لمختلف التطورات التي أبانت عن الخلاف العميق بين الدول الأعضاء حول القرارات التي خرج بها المؤتمر العاشر، والتي ظلت في غالبها حبرا على ورق، رغم كل التوصيات التي انبثقت عن هذا المؤتمر، والتي تلزم الدول الأعضاء بتطبيقها.

وأرجأ الكثير من المتدخلين أسباب ذلك إلى الأعطاب الموجودة في منظمة التجارة العالمية نفسها، والتي مازالت تشتغل بأساليب تقليدية، والتي ينبغي إعادة النظر فيها. وذهبت بعض التدخلات – في الاجتماعين اللذين ترأسهما كل من مولاي حفيظ العلمي ورقية الدرهم من موقعهما الحكومي المغربي الذي يستضيف هذا الاجتماع غير الرسمي تهييئا للمؤتمر الحادي عشر للمنظمة العالمية للتجارة الذي سينعقد في بوينس آيرس بالأرجنتين مابين 10 و13 دجنبر- إلى المطالبة بتحديث آليات منظمة التجارة وخلق استراتيجيات بديلة تستطيع مواجهة التحديات المطروحة ومعالجة الخلل الذي يعيق أعمال المنظمة للنهوض بأهدافها الكبرى في خلق التوازنات والنهوض بالدول النامية والتي في طريق النمو، من خلال وضع إجراءات عادلة وداعمة للتكافؤ بين الدول الأعضاء وإقامة نظام تجاري متعدد الأطراف متسم بالفاعلية والشمولية.
وإن استحسنت كل الوفود المشاركة اجتماع مراكش وأثنت عليه على لسان رؤسائها، فإن الثغرات التي من شأنها أن تعصف بمنظمة التجارة العالمية كانت محطة نقاش عميق ومسؤول في مختلف التدخلات التي تراهن على الاستفادة من تحرير التجارة وحركة رؤوس الأموال الدولية، رغم كل التناقضات القائمة بين الدول الصناعية الكبرى الباحثة عن أسواق لتصريف السلع والخدمات التي تنتجها والدول النامية التي تسعى لحماية اقتصاداتها من المنافسة الحادة، كما تسعى إلى تغذية خزينتها بعائدات الضرائب والرسوم الجمركية على السلع الواردة. وأبانت مداخلات أخرى من المجال الإفريقي خاصة عن التذبذب بين الأمل في التغيير، وبين التشاؤم، في كون منظمة التجارة العالمية تكرس لعلاقة غير متكافئة بين الدول الكبرى الصناعية وبين دول تلتمس طريقها لدعم داخلي للنهوض باقتصادها، وهي الدول التي مازالت تعاني من مشاكل الفقر والبطالة والمديونية الخارجية وتفاقمها.
واستحضرت هذه التدخلات الجمود الذي صاحب قرارات الدوحة وتوالي عدم التوافق على مشترك ورؤية موحدة في كافة الاجتماعات التي تلت ذلك ناهيك عما كرسه لقاء جنيف من تباعد في وجهات النظر .
ولم يستبعد من المداخلات في الاجتماع الوزاري غير الرسمي الذي شهدته قاعة بقصر المؤتمرات، موضوع عولمة الاقتصاد و التطورات الاقتصادية السريعة والمتلاحقة التي يشهدها العالم والتي تستدعي إعادة ترتيب الأولويات والأيديولوجيات الاقتصادية للدول الأعضاء، كما تستدعي العمل باستراتيجية جديدة ومنتجة ومفيدة لكافة الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية، والذي من شأنه خلق منظومة مغايرة في العلاقات والمصالح الاقتصادية، مما يساعد على تدبير التعقيدات بشكل إجرائي و قانوني ومسطري وشفاف. وفي هذا الجانب تطرقت بعض التدخلات إلى هيئة تدبير النزاع، والتي انتهت صلاحياتها ومن المفروض تجديد هياكلها، كما تطرقت إلى مختلف النقط العالقة في عمل المنظمة، سواء تعلق الأمر بالنظام التجاري المتعدد الأطراف، أو بالتجارة الإلكترونية والاقتصاد الرقمي، والأمن الغذائي، وأوضاع المقاولات الصغرى والمتوسطة، ودعم إنتاج القطن إلى غير ذلك من النقط التي رأى المتدخلون أنه ينبغي خلق توافق بشأنها.
يذكر أن رقية الدرهم، كاتبة الدولة لدى وزير الصناعة والاستثمار والتجارة والاقتصاد الرقمي المكلفة بالتجارة الخارجية، ومولاي حفيظ العلمي، وزير الاستثمار والتجارة والاقتصاد الرقمي، قد ترأسا أشغال المؤتمر الوزاري غير الرسمي لمنظمة التجارة العالمية، إلى جانب كل من ممثلة الأرجنتين ومدير منظمة التجارة العالمية. وانعقد الاجتماع الوزاري غير الرسمي أيام 9 و10أكتوبر 2017 بمدينة مراكش. وشارك فيه على مدى يومين، 50 وزيرا معنيا بملفات منظمات التجارة العالمية، ورؤساء وهيئات المفاوضات والمدير العام للمنظمة العالمية للتجارة. ويعتبر اجتماع مراكش الوزاري غير الرسمي لمنظمة التجارة العالمية، الاجتماع الأخير لوزراء التجارة قبل المؤتمر الوزاري الحادي عشر لمنظمة التجارة العالمية التي ستحتضنه العاصمة الأرجنتينية خلال دجنبر المقبل.