عبد الحميد جماهري

بالرغم من الفرق، لا يمكن التغافل عنهما

كان سوء حظنا قد جعل الحجر المرفوع متزامنا مع الصيف، ثم مع الصيف والعيد، ثم سيكون التفكير في تدبير ماتلا متزامنا مع الدخول المدرسي
ومع موسم الزكام…
وعليه أمامنا ما يجب التفكير فيه، طبعا، كان رئيس الحكومة قد اعتبرها، (كورونا)، مجرد زكام مثل أي زكام آخر، وهو غير معني بتاتا بما سيلي من كلام..
نحن المغاربة، الذين نرى فرقا شاسعا بين كوفيد والزكام، نرى أن أمامنا محطتين:
موسم الزكام، في بداية نهاية الصيف وخريف العام ذاته..
وأمامنا المدرسة..
لنبدأ بالزكام والفيروس: التوأمان غير السياميين، ولكنهما علتان على كاهل الصحة العمومية..
بالنسبة للزكام، أو فصل الفيروس السنوي، الذي يتردد دوما، كما هو حال تساقط أوراق الشجر أو عودة «الترفاس»، يفترض معرفة بمواسمه ومواقيته وسيكون علينا أن نهيئ لقاحات مضادة للزكام، وربما حملة واسعة الآن لتفاديه وتحصين وتمنيع الناس أمام أخطاره…
الآن، نعم الآن…
لقاحات عادة ما تكوة قلة قليلة من المغاربة هي التي تبادر إليها، لا سيما في شهر أكتوبر وشتنبر ونونبر، قبل استفحال الفصل الزكامي العالي..الفصل العالي la haute saison virale، وذلك إجرائيا وعمليا كي لا يكون النظام الصحي أمام وباءين: أحدهما معتاد هو الزكام بتفاصيله المعروفة…
الأمريكيون اشتقوا من البرجين الشهيرين توأما يحمل ما يحمله من مخاوف، وهو التوأم الوبائي، كما التوأم الهندسي الشهير ‏twindemic.
سيكون على كل مغربية ومغربي أن يتحمل مسؤوليته غدا مع الكمامات والبعد الاجتماعي والاحترازات الأخرى، وكيف سيفعل مع وضع ملتبس كالذي سنجده بدون قرارات آنية وفورية الآن؟
تحدث الملك عن وضع صحي، وأرقام قوية، لعل من أقساها وأقصاها هو الحديث الذي قال فيه ملك البلاد: معدل الإصابات ضمن العاملين في القطاع الطبي، ارتفع من إصابة واحدة كل يوم، خلال فترة الحجر الصحي، ليصل مؤخرا، إلى عشر إصابات.
وهو رقم مخيف، قد يدفعنا إلى التساؤل: كم بقي أمامنا من الوقت، حتى نصل العتبة الخطيرة ضمن القطاع الصحي؟
أرقام 2019 تقول بأن بالمغرب 034 12 طبيبا (3857 طبيب الطب العام، و7559 طبيب مختص)
657 31 ممرضا، 2028 إداريا، 3773 تقنيا، وهوما يقارب، إجماليا، حوالي 50 ألفا ما بين طبيب وممرض وعامل صحي وإداري..
وهو ما يضعنا، حسب ترتيب منظمة الصحة العالمية، في آخر الترتيب، قبل البحرين واليمن !!!
بلاد في حرب… وأخرى عدد سكانها بالكاد يصل مليونا ونصف نسمة، أربع مرات أقل من الدار البيضاء التي تتصدر الأرقام الوبائية!
الشيء الذي يمكننا أن نقدر الخصاص لو استمرت، لا قدر لله، وتيرة الإصابات بالفيروس في أوساطهم….
وهوما يطرح على الوزارة، وهي مسؤولية جماعية للمؤسسة وفردية للوزير: كيف سنعوض الذين سيصابون: هل نكتفي باستجلاب تجربة خارجية كما في فرنسا وإحياء مبدأ التعاقد، أو سيكون من المفيد التفكير في تشجيع الطلبة في طور تداريب السنة الثالثة وما فوق، على دخول المغامرة الميدانية، بمقابل منحة عن المخاطر؟
وهو ما يستوجب أن تكون الوزارة ومن ورائها الحكومة قد ناقشته ووفرت له الغطاء المالي، وأيضا الإقناع الضروري بأنها جادة في ذلك..
لقد تبين، بالرغم من الألم والهشاشة، أن أشهر الإغلاق والحجر والتشدد كانت أفضل استراتيجية لتعزيز المسؤولية الاجتماعية، لكن بدا أيضا أنها لم تكن كافية وذات ديمومة في الزمن بمجرد رفع القيود عن الناس…
وهو أمر لا يجيب عنه الطبيب لوحده، بقدر ما يجيب عنه صاحب القرار السياسي الطبي..وهو كيان جماعي وليس فرديا..

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

الخروج  اليوم عن المبادئ والقواعد والأعراف والتوافقات ترجمة لمنطق التغول : إلزامية عدم التراجع عن المكتسبات التي سبق إقرارها في النظام الداخلي

حتى  لا تتحول مجالس الحكامة الى آلية للتحكم

اليوم يفتتح ذ.إدريس لشكر المؤتمر الوطني لقطاع المحامين

الأغلبية تظهر «وحدة الواجهة ـ الفاصاد»، وواقع مكوناتها يؤكد ما قاله الاتحاد وكاتبه الأول..