في انطلاق أشغال الدورة الأولى لمجلس اتحاد الشبيبة الاشتراكية

الديمقراطية في العالم العربي

انطلقت، أول أمس، فعاليات الدورة الأولى لمجلس اتحاد الشبيبة الاشتراكية الديمقراطية في العالم العربي، في جلسة افتتاحية احتضنها المقر المركزي بالرباط لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ترأسها إدريس لشكر، الكاتب الأول للحزب، وبحضور كل من جمال الشبوكي، سفير دولة فلسطين بالمغرب، وعبد المجيد سيف النصر، سفير دولة ليبيا بالمغرب، فضلا عن الحسين الحسني، الأمين العام للاتحاد وفادي حماد رئيس الاتحاد بالإضافة إلى فتح الله الزني، المكلف بالشؤون العربية والإفريقية للاتحاد، وعبد الله الصيباري، الكاتب العام للشبيبة الاتحادية، وممثلي الأحزاب الاشتراكية والديمقراطية العربية ثم عدد كبير من المناضلات والمناضليين الاتحاديين.
وسير أشغال هذه الجلسة الافتتاحية للدورة الأولى لمجلس الاتحاد الحسين الحسني.
وفي كلمة له بهذه المناسبة سجل الكاتب الأول اعتزاز وتفاؤل الحزب بأن تحتضن الرباط ،عاصمة المملكة المغربية، انعقاد الدورة الأولى لمجلس “اتحاد الشبيبة الاشتراكية الديمقراطية في العالم العربي”، و أن يستضيف الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أشغال هذه الدورة، التي تنعقد في ظرف عربي دقيق، تطبعه مجموعة من الأسئلة، المرتبطة بأوضاع الدول العربية، السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وهي الأسئلة التي يتوجب إيجاد إجابات واقعية لها، تفضي إلى تجاوز واقع عربي يفرض التساؤل والتفاؤل ثم العمل والنضال.
وتوجه لشكر للشباب أعضاء هذا الاتحاد المشاركين في هذه الدورة الأولى للمجلس قائلا إن « التساؤل و التفاؤل، يعبر عن مسؤوليتكم كشباب عربي، في تشخيص أوضاع الدول العربية بكل جرأة وموضوعية، لكن بروح وطنية بناءة، ورؤية تفاؤلية واعدة، وفي سياق هذا المنطلق القويم، فإن مسؤوليتكم كقوة شبابية حية، ديمقراطية وتقدمية، تفرض عليكم استيعاب حقائق الوضع الراهن بالمنطقة العربية، في أبعاده السياسية والاجتماعية والجيوسياسية، في اتجاه الرصد الدقيق لمجموع التحديات التي تتربص بالعالم العربي، والتي يشكل رهان البناء والحفاظ على قوة الدول، ووحدتها، واستقرارها أهم تحد فيها».
وذكر الكاتب الأول للحزب، بخصوص تشخيصه للوضع العربي، أن ما شهدته وتشهده مجموعة من الدول العربية، من تأجيج للنزاعات السياسية وإحياء للنعرات الطائفية والعشائرية، يرجع إلى أجندات جيو-سياسية، لا تبغي غير الاستحواذ والهيمنة على مراكز القرار السياسي والاقتصادي في هذه الدول، مضيفا في ذات السياق أن هذه الأجندات المسؤولة عما آلت إليه الأوضاع بعد ما عرفته سنة 2011 من احتجاجات وانتفاضات، في مجموعة من الدول العربية، نتج عنها هوة بين السلفيين الإسلاميين من جانب والإصلاحيين التحديثيين من جانب آخر، والتي تجسدت في صراعات وانقسامات مذهبية سياسية، أدت بشكل مباشر، إلى خلخلة شروط التماسك والاستقرار المجتمعي في هذه الدول.
ووصف لشكر ماعرفته سنة 2011 من حراك و احتجاجات بعدد من الدول العربية، باللحظة الحقيقية، التي ترجمت إرادة شعبية حازمة لتغيير الأوضاع الاجتماعية، وتقويم الاختيارات السياسية، وتحقيق المطامح الشعبية بهذه الدول، مستدركا بالقول إن «من المسؤولية أيضا، الاعتراف بأن مسارات تلك الدينامية الشعبية، بمجموعة من الدول العربية الأخرى، قد انعطفت عن غاياتها الحقيقية، التي عبرت عنها الشعارات والقيم التي ميزتها في بداياتها، نحو « اللامسؤولية» و «اللااستقرار السياسي» و» اللاتماسك الوطني « مؤدية إلى نشوء أوضاع لا مميز فيها غير الانقسامات والحروب والصراعات المذهبية، وغير تغول الطائفية والقبلية العرقية والدينية».
وفي معرض حديثه عن المستقبل العربي تساءل لشكر عن العمل و النضال، اللذين يجب أن يحكما كل النقاشات والحوارات التي ستستوعبها أشغال مجلس الاتحاد، مؤكدا في هذا الإطار أن النقاش من الضروري أن ينصب على مسؤولية ودور الشبيبة العربية الحاملة للواء الاشتراكية والديمقراطية في المساهمة الفكرية والميدانية، بهدف محاصرة كل الأسباب التي أفضت بالوضع بمجموعة من الدول العربية إلى ما هو عليه اليوم من تشرذم وتخبط من جهة، وفي بناء مشروع مجتمعي نهضوي بديل من جهة أخرى.
وسجل الكاتب الأول لحزب الوردة على أن المشروع المجتمعي في حقبة ما قبل دينامية 2011، كان يراهن على إنجاز قضايا وطموحات قومية، حيوية عامة، تمثلت في قضايا التحرير والتحديث، ولكنه تغافل عن القضايا الوطنية التي تشكل الأرضية الصلبة لربح هذه المعركة، أي معركة التحرير والتحديث، وفي طليعتها قضية بناء الدولة الوطنية، وإقرار الديمقراطية في مقوماتها الشاملة، التمثيلية و الجهوية والتشاركية، التي تمكن الشعب، حقا وحقيقة، من المشاركة في اتخاذ القرار السياسي والتنموي والبيئي وفي تفعيله، ثم تكريس قيم الحداثة والتحديث وبناء دولة المؤسسات ودولة الحق والقانون، والاهتمام بقضية التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية الشاملة، التي تستهدف تنمية الإنسان وصيانة كرامته.
وأكد لشكر، بخصوص التجربة المغربية في مجال الإصلاح الدستوري والبناء الديمقراطي المتواصل والجهد التنموي الشامل والتأطير الحكماتي لمختلف مؤسسات الدولة وأجهزة الإدارة والانفتاح الاقتصادي المضبوط والانخراط المتعدد في ديناميات التعاون والشراكة على كافة المستويات والأصعدة العربية والإفريقية والأوروبية والدولية، بأنها تجربة مستمرة ومتواصلة ورائدة بمكتسباتها الدستورية والحقوقية والديمقراطية والتنموية والبيئية والاجتماعية والأمنية، مبرزا أنها تشكل نموذجا حيّا لما ينبغي أن تكون عليه الدولة الوطنية القوية، القادرة، التي تستمد قوتها من إقرار الحقوق وإعمال سلطة القانون، والتجاوب مع نبض الشعب.
وشدد لشكر على أن المطروح على كل قوى التغيير اليوم، وفي كل الدول العربية، هو النضال لأجل بناء الدولة الوطنية القوية، والقوة «هنا لا نعني بها الضبط والتدخل، أي أن الدولة القوية المراد الدفاع عنها وبناؤها، ليست تلك الدولة الضبطية المتدخلة، بل المقصود هو الدولة القوية بمؤسساتها، الدولة القوية باستقلالها الاقتصادي والسياسي، الدولة القوية بهوامش الديمقراطية الواسعة واحترام الحقوق فيها، الدولة القوية بقدرتها على تحقيق التنمية».
وأضاف في السياق ذاته «أن المهام المطروحة علينا اليوم كاشتراكيين – ديمقراطيين، والمنسجمة والمرتبطة بمهامنا التاريخية والمتمثلة في النضال لأجل الديمقراطية، لا تعني غير الدفاع عن نموذج الدولة القوية، فالديمقراطية لا يمكن أن تتحقق إلا في دولة وطنية وقوية، ولا تعني أيضا، غير الانخراط في إصلاح أوضاع البلدان العربية، من خلال المساهمة في التفكير في نماذج تنموية ناجعة، قادرة على الارتقاء بأحوال الشعوب الاجتماعية، «فالديمقراطية لا تتحقق أيضا مع انتشار الجوع و الفقر والأمية»، يقول لشكر.
وفي الأخير توجه لشكر مرة ثانية للشباب، «هذه المهام مطروحة عليكم أنتم كشباب أكثر من أي فئة عمرية غيركم، أولا على اعتبار البنية الشابة لكل الدول العربية، مما يجعلكم المعني الأول بحاضرها وواقعها، وثانيا على اعتبار أنكم المحدد الرئيس والمسؤول عن مستقبل هذه الدول، وثالثا لكونكم شبابا اشتراكيا ديمقراطيا حاملا لهمّ التغيير فيها، ومسؤولا عن بنائها وتقدمها».
وأضاف «عليكم كشبيبة ديمقراطية اشتراكية عربية، ومن ضمنكم منظمة الشبيبة الاتحادية، التي تشكل قطاعا حيويا داخل حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، التحلّي بقوة الالتزام الفكري وصدقية الفعل الميداني، من أجل الوقوف سدا منيعا أمام كل النزعات التي تراهن على استمرار تخلف بلداننا، وهو ما لا يمكن تحقيقه إلا من خلال تقويم كيان الدولة الوطنية، وتصليب عودها، بالديمقراطية والحقوق والتنمية، وتعزيز انخراطها في العمل الجماعي العربي، على قاعدة الثوابت والقواسم المشتركة التي تجمع الدول العربية، وهي ثوابت التضامن الفعلي السياسي والميداني، في مواجهة ثلاثة تحديات مصيرية، متمثلة في تحدي الإرهاب الجهادي وما يطرحه من مخاطر وجودية، وتحدي الاحتلال الإسرائيلي وما يمارسه من عدوانية، وتحدي الفرقة والشنآن العربيين، وما يمثلانه من تهديد للعمل الجماعي و التضامن العربي».
من جانبه، أشاد السفير الليبي، عبد المجيد سيف النصر، بدور المملكة المغربية تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس في السعي إلى إيجاد حل للأزمة الليبية، وذلك من خلال احتضان جولات الحوار بين الأطراف الليبية بالصخيرات، والذي تمخض عن الاتفاق السياسي الليبي، كما أكد بدوره على ضرورة دعم الشباب العربي من خلال مثل هذه الفعاليات من أجل تبادل الآراء الفكرية والسياسية.
وفي ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، إحدى المحاور الرئيسية لهذه الدورة، أبرز سفير دولة فلسطين، جمال الشوبكي، الصلات القائمة بين هذه القضية وما يعتمل في العالم العربي، باعتبارها القضية الأولى من أجل التحرر، كما أعرب عن أسفه لنسب مشاركة الشباب العربي في الحياة السياسية والحزبية، معتبرا أن الشباب المغربي يشكل نموذجا يحتذى به في هذا المجال.
وتعرف هذه الدورة مشاركة ممثلين عن مختلف الأحزاب والمنظمات الاشتراكية الديمقراطية والديمقراطية الاجتماعية بالعالم العربي، وممثلين عن مجموعة من الاتحادات الدولية للشباب، وممثلين عن المنتدى الديمقراطي الاجتماعي بالعالم العربي.
وستتناول الدورة، بالإضافة إلى المصادقة على مختلف الوثائق ومشاريع الأوراق والمقررات، التي سيتم عرضها على المؤتمر المقبل ووضع برنامج عمل الاتحاد خلال المرحلة المقبلة، مجموعة من القضايا والمحاور تهم أساسا الوضع السياسي بالمنطقة العربية وفي مقدمته مستجدات القضية الفلسطينية بعد مرور 25 سنة على اتفاق أوسلو، مستجدات الوضع السياسي والأمني بليبيا بعد اتفاق الصخيرات، مآلات ثورات الربيع العربي ومهام الشباب في ذلك، أدوار ومهام المجتمع المدني في نشر قيم الحكامة وإدماج الشباب بالوطن العربي، المشاركة السياسية للشباب، التواصل السياسي وآليات نشر الخطاب السياسي وسط الشباب، العولمة وتدبير قضايا الهجرة في أفق المؤتمر العالمي للهجرة بمراكش.
وسيلتقي المشاركون، بالإضافة إلى القيام بمجموعة من الزيارات الميدانية، مجموعة من الشخصيات والمسؤولين في مقدمتهم الحبيب المالكي، رئيس مجلس النواب، محمد علمي، رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين، عبد الكريم بنعتيق، الوزير المنتدب لدى وزير الخارجية المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، ومحمد بنعبد القادر، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بإصلاح الإدارة وبالوظيفة العمومية.

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

الكاتب الأول الأستاذ إدريس لشكر يترأس المجلس الجهوي الموسع بجهة مراكش -أسفي

انعقاد المؤتمر الثامن لإقليم الرباط

خلال التجمع الجماهيري لدعم الاخ محمد ياسر الجوهر بفاس: إجماع المتدخلين على فشل الأداء الحكومي

خلال اجتماع مؤسسة كُتاب الجهات والأقاليم