يونس مجاهد
مرّةً أخرى، يدلي رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، كوردون براون، باعترافات حول الخداع والكذب الذي مارسته أجهزة الاستخبارات الأمريكية، لتبرير غزوها للعراق، وذلك في كتاب تحت عنوان، «حياتي وعصرنا»، صدر قبل أيام، وخصصت له الصحف العالمية، حيزاً هاماً، كما نشرت صحيفة الغارديان البريطانية مقتطفات منه.
يتحدث براون، الذي كان يشغل خلال الغزو الأمريكي البريطاني للعراق، منصب وزير المالية، أَن البنتاغون ضلّل حكومة بلاده بشأن امتلاك الرئيس صدام حسين لأسلحة الدمار الشامل، مؤكداً أن التقرير الذي أُعِد بناء على تكليف من وزير الدفاع الأمريكي، دونالد رمسفيلد، سنة قبل الغزو، جاء فيه أنه ليس هناك أي تحديد لمنشآت في العراق تقوم بإنتاج أو اختبار أو تعبئة أو تخزين أسلحة بيولوجية أو كيماوية.
وافتقر التقرير إلى أية معلومات استخبارية عن البرنامج النووي المفترض لصدام حسين، يقول براون، الذي يعبر عن استغرابه من أن أي أحدٍ في الحكومة البريطانية لم يطلع قط على هذا التقرير الأمريكي، ويعتبر أنه لو كانت هذه المعلومات معروفة، لاتخذت الأحداث مجرى آخر.
وتجدر الإشارة إلى أن براون، بعد توليه السلطة خلفا لتوني بلير، كان قد أمر بتشكيل لجنة للتحقيق في الحرب على العراق، وهي التي عرفت باسم «لجنة شيلكوت»، والتي اشتغلت من سنة 2009 إلى سنة 2016، وخلصت إلى أن غزو العراق استند إلى معلومات غير مضبوطة، محملة ضمنياً المسؤولية لبلير، الذي كان قد راسل الرئيس الأمريكي الأسبق، جورج بوش الابن، مؤكدا له أن بريطانيا ستتبعه في الحرب على العراق، مهما كان الوضع.
غير أن مثل هذه الاعترافات ليست جديدة، فقد سبق لوزير الخارجية الأمريكي، كولن باول، الذي قدم أمام مجلس الأمن بيانات كاذبة، بالصور والفيديوهات، عن أسلحة الدمار الشامل التي يمتلكها صدام، أَن اعتبر أنها وصمة عار في حياته، وأن الأمر كان مجرد كذبة كبرى، صنعتها الاستخبارات الأمريكية.
لذلك فإن التساؤل المشروع هو، ماهي القيمة الفعلية لهذه الاعترافات، التي لا تؤدي إلى أية متابعات قانونية وجبر للضرر، بعد أَن تسبب الغزو في موت الآلاف من البشر وتشريدهم وتدمير بلد بأكمله وإبادة حضارة وخلق أبشع الجماعات الإرهابية الظلامية، والزج بالعراق والمنطقة بأكملها في نفق مسدود لم ينته بعد.

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

الكاتب الأول إدريس لشكر: ضرورة نهضة حقيقية لمنظومة التربية والتكوين لتنزيل الإصلاحات وتفعيل القانون الإطار

عبد الرحيم شهيد : الحكومة الحالية ذات التوجه الليبرالي ليس لها نفس سياسي ديمقراطي

الكاتب الأول في المؤتمر الإقليمي الرابع للحزب بزاكورة:نحن في حاجة إلى أن نحافظ على وحدتنا، وبلادنا كما يشاهد الجميع قدمت دروسا لجيراننا

الفدرالية الديمقراطية للشغل تحتفل بالعيد الأممي فاتح ماي بطعم الاحتجاج