أجرت الكاتبة الوطنية للمنظمة الاشتراكية للنساء الاتحاديات، خدوج السلاسي، حوارا مع «مجلة الناس». وقد استعرضت خلاله مسارها داخل حزب الاتحاد الاشتراكي منذ منتصف السبعينيات، فضلا عن عملها الحقوقي والجماعي والتكويني. كما تحدثت عن وضع النساء المغربيات الراغبات في اقتحام تدبير الشأن العام في فضاء يفتقد لآلية التنافس بسبب ذكورية الحقل السياسي وانخفاض مستوى الوعي السياسي وانعدام الصراع حول الأفكار والتصورات والمرجعيات.
وتحدثت الكاتبة الوطنية عن الكوطا ومبدأ المناصفة المصوص عليه في الوثيقة الدستورية وتصورها للاستحقاقات المقبلة والتمثيلية النسائية والإكراهات الثقافية التي تعترضها. كما أوردت موقف الحزب من المقتضيات المسطرية المتعلقة بالانتخابات الجماعية.. إلخ.
في ما يلي نص الحوار:
* هل لنا أن نعرف أهم لحظات مسارك السياسي و الفكري الأستاذة خدوج ؟
– يعود مساري السياسي الى وهج السبعينات ، حيث التحقت بصفوق حزب الاتحاد الاشتراكي سنة 1975 ، فتدرجت من القطاع الطلابي ،الى الشبيبة الاتحادية ، الى عضوية مكتب فرع سايس ، الى المسؤولية في القطاع النسائي سنة 1996 الى عضوية اللجنة الإدارية للحزب سنة 2000 ، و كذا عضوية الكتابتين الإقليمية والجهوية للحزب . و اليوم أتحمل مسؤولية الكاتبة الوطنية للمنظمة الاشتراكية للنساء الاتحاديات منذ المؤتمر السابع أي أكثر من سنة .
ترشحت مرتين للانتخابات الجماعية ، وانتخبت مستشارة في مقاطعة سايس سنة 2003 ، كما ترشحت في اللائحة الوطنية للبرلمان مرتين في مراتب لا تمكن من الوصول للمهمة التشريعية ، أيضا ترشحت في الأنتخابات التشريعية الأخيرة في اللائحة العامـة بدائرة فاس الجــنوبية قي الرتــبة الثانية .
والى جانب العمل السياسي و الحزبي ، ترأست الجمعية المغربية لمدرسي الفلسفة جهة فاس بولمان مرتين ، كما اشتغلت مع المنظمة المغربية لحقوق الإنسان فرع فاس ، هدا الى جانب انخراطي في المجال التكويني و الإشعاعي للمجتمع المدني في شقيه النسائي و الحقوقي بشكل خاص .
* ما هي العراقيل و الأكراهات التي واجهتك في مسيرك السياسي ؟
– فيما يتعلق بالعراقيل و الأكرهات ، لا أحبذ كثيرا التوقف عندها ، لأنها تكاد تكون عامة و مشتركة بالنسبة لجميع الفاعلات السياسيات بالنظر الى طبيعة البنية الفكرية و الثقافية للمجتمع المغربي من جهة ، و كذا ارتباطا بطبيعة المؤسسات الحزبية في بلدنا من جهة ثانية . و كذا رجوعا إلى الأكراهات الذاتية للفاعلة السياسية باعتبار المرأة مستبطنة للإرث الثقافي و ضحية لسلوكات الإقصاء ، و ضعيفة التواجد من حيث المؤشر العددي في مجال المشاركة السياسية ، و فاقدة نتيجة ذلك ، أو فاقدة نسبيا لآليات التنافس ، و أسليب الصراع و الروح القتالية المنتظمة و الدائمة لتأكيد الوجود داخل العمل السياسي ، خصوصا داخل المجتمعات المتخلفة ذات الوعي السياسي المنخفض ، حيث لا يدور الصراع حول الأفكار و المشاريع ، انما حول الأشخاص ، و المواقع باعتبارها المؤشر على أسوأ أنواع الصراع السياسي . وتبرز هده الأكراهات عندما يتعلق الأمر بتقاسم السلطة على المستوى التنظيمي أي عندما تصل المرأة الى مركز القرار الحزبي ، حيث يتم التعامل معها كمكمل عددي للكوطا – و هي اليوم في حدود الثلث في مختلف التنظيمات بالاتحاد الاشتراكي – أكثر مما ينظر اليها كعنصر فاعل في هدا القرار ، اذ من الملاحظ في مجموعة من الحالات أن الفاعل السياسي الرجل لم يؤهل بعد فكريا و ثقافيا وحقوقيا ليؤمن بأهلية المرأة في المجال السياسي ، و تنفجر هده الأكراهات في اللحظات الانتخابية بشكل خاص ، وعلى الرغم أن هنالك تطورا ملموسا يعبر عنه التدرج في أرقام المشاركة ، الا أنه لم يتم بعد الارتقاء إلى منطق تقاسم السلطة باعتبارها المؤشر الأمثل لتجسيد المساواة و المناصفة .
لذا أرى أنه يتعين الانتقال من الحديث عن الصعوبات و الأكراهات على المستوى التشخيصي المفعم بالتشكي و البكائية و المظلومية الى مستوى الانخراط الأوسع و الفعل الأكبر لمواجهة هده الصعوبات ، و إحداث تأثير أعمق تقوده النساء داخل المجتمع عامة و المؤسسات الحزبية خاصة . فقدر الفاعلة السياسية أن تمارس التنشئة الاجتماعية داخل بيتها مع أبنائها ، و أن تتميز بالقوة و الصمود و الجرأة و القدرة على المواصلة و الأسمرار – ضدا على الصعوبات – لكي تتمكن من تعديل و اعادة التنشئة الأجتماعية للمناضلين الرجال من منطلق المساواة ، و تطبيع العلاقة مع مبدا تقاسم السلطة ، و هدا الأمر ليس سهلا، لكنه ممكن .
* ما تصورك للأستحقاقات المقبلة و ما الدي يميزها ؟
– الأنتخابات الجماعية و الجهوية المقبلة مرتبطة بسياقات مختلفة و مترابطة على المستويات الدولية و الأقليمية و المحلية : دوليا هنالك تنامي الدعوة للمشاركة السياسية للنساء في ظل مساءلة مدى مفعولية مختلف المؤتمرات الدولية قي هدا المجال ، من بكين الى القاهرة الى ما بعد بيجين . على المستوى الأقليمي أكد الحراك العربي الدور الفعال للمرأة من خلال الثورات و بعدها ، و قدرتها على التأثير في تغيير الأتجاه السياسي ( تونس نموذجا )
وعلى المستوى المحلي ، نشهد اليوم حراكا نسائيا متسارعا في شقيه الحزبي و المدني ، كما نشهد منعطفا أساسيا على مستوى ارادة الدولة في مجال الرفع من التمثيلية النسائية على المستوى المبدئي و النظري . فالدولة اليوم ميالة الى جعل المشاركة السياسية للمرأة مدخلا أساسيا للتحديث من خلال أعلى سلطة لها ، و يترجم الدستور هذه الإرادة في توافق تام أو شبه تام بين الشارع المغربي و الأحزاب السياسية و الحراك النسائي بشقيه السياسي و المدني . إلا أن هذه الإرادة ظلت مشلولة على مستوى السلطة التنفيذية ، اذ نسجل مع الحكومة الحالية بطءا رهيبا في مجال تنزيل الدستور ، خصوصا في الفصول ذات الصلة : الفصلان 19 و 164 تحديدا ، بالإضافة الى عجز قوي في القراءة العرضانية لمبدأ المساواة في مجموعة من فصول الدستور ، ناهيك عن غياب التنزيل الفعلي لهيأة المناصفة و مناهضة كل أشكال التمييز . فباستثناء الثلث المفترض العمل به في الانتخابات الجهوية ، لم تحمل قوانين الجماعات المحلية أي جديد ، لا على مستوى المضمون ، و لا حتى على مستوى خطاب النوع .
فرفع شعار المقاربة التدريجية يعطل دستورا متقدما على مستوى المشاركة السياسية للنساء ، و يكشف عن غياب الإرادة السياسية الحقيقية و التشاركية في هدا المجال ، و يشي بنزعة محافظة تقليدية تشد المغرب إلى الخلف في مجال الحقوق بصفة عامة ، و في مجال حقوق النساء بصفة خاصة .
* ما تقييمك لمكان المرأة في الحراك السياسي ؟
– يمكن أن نلاحظ من خلال الأرقام أن هنالك تطورا ملحوظا سواء على مستوى نسبة النساء في الجماعات المحلية أو البرلمان ، فالانتقال من 0,5 إلى 12,8 الى 16 في المائة تقريبا على التوالي ، هو انتقال ناطق و ذو دلالة . إلا أن نسبة رئاسة الجماعات و المقاطعات و العمديات لازالت ضعيفة جدا تماما كنسبة رئاسة الفرق البرلمانية ، مما يؤكد أزمة تقاسم السلطة بكل أبعادها الثقافية و الحزبية و السياسية ، بالإضافة إلى كل مساوئ نظام الاقتراع . فلولا اللائحة الإضافية لظلت النسبة منخفضة ، و لو وضعت النساء في المراتب الواعدة داخل اللوائح العامة لكانت النسبة مرتفعة ، فما الذي يمنع حزبا ما من أن يشكل السبق و النموذج في هدا المجال ، ان لم يكن الرفض الواعي و البنيوي غير الواعي لتقاسم السلطة مع النساء ، و الدي قد يتوارى أحيانا خلف فرضية غياب الكفاءة عند النساء ، كما لو كانت هده الكفاءة متوفرة بداهة عند الرجال. فعلى الرغم من الإجراءات التحفيزية التي وضعتها الدولة ، ظل الفوز المقرون بالرجل أكثر قوة ، و كل هدا ضدا على النجاحات النسبية التي سجلتها المرأة في التدبير الجماعي رغم هشاشة و ضيق مساحة المسؤولية المسندة اليها . و ما أكبر المفارقات التي تعرفها العملية الانتخابية في بلدنا ، حيث أن الأحزاب تعول كثيرا على النساء في الحملات الانتخابية ، اذ تشكل النساء رأسمالا أ صوا تيا مهما تراهن عليه كل التنظيمات الحزبية ، كقوة انتخابية فعالة للوصول بالرجال الى مواقع القرار ، و لا يحتدم الصراع الا عندما تكون المرأة هي المعنية بذلك الموقع ، و عندئذ تستيقظ كل الأحكام المسبقة ، و يتم استدعاء الأكراهات الثقافية ، و يتم التلويح بغياب الكفاءة ، و ينظر للمترشحة كورقة خاسرة تفوت على حزبها فرصة الفوز بالمقعد ، و حتى تكون مناضلة حقيقية معترفا بها من طرف رفاقها ، عليها أن تفكر في مصلحة حزبها ، أن تقوم بالحملة ، و ان تصوت لصالح الرفيق – الخصم – ، أما ادا ترشحت ، فخير لها أن يكون ترشيحها نضاليا ، ليكون ترشيح رفيقها ترشيحا فعليا ، عندئذ لا نتحدث عن الأكراهات الثقافية ، انما عن الروح النضالية ، و الأخطر من كل هدا هو أن تتبطن الفاعلة السياسية هدا المنطق المحتال ، و أن تتصرف على أساسه .
* ما منظورك للكوطا ، و هل لازالت وظيفتها ضرورية ؟
– كما سبق ، يرجع الفضل الى اللائحة الوطنية و الإضافية في التطور العددي الحاصل قيما يتعلق بالتمثيلية النسائية ، فهما يدرجان تحت مفهوم الكوطا كآلية تمييزية ايجابية بيداغوجية مؤقتة للارتقاء بنسبة المشاركة و التمثيلية النسائية ، و ان كانت ذات طبيعة توافقية لا ترقى إلى الحجية القانونية و الدستورية ، فهي آلية غير ديموقراطية ، وظيفتها الشروع في التأهيل للانتقال نحو الوضع الديمقراطي ، الا أن هنالك – و دون الدخول في التفاصيل – أمرين لا يمكن إغفالهما عند تشكيل رأي في هذا الموضوع:
لقد سيء استعمال مبدأ الكوطا في أغلب الحالات و من طرف أغلب الأحزاب ، عندما لم تحدد المعايير الموضوعية للاستفادة من هدا الأجراء التمييزي ، و عندما كانت الغلبة لمنطق الزبونية و المحسوبية ، و العلاقات العائلية على حساب النضالية و الكفاءة و الأهلية ، عندما نظر اليها باعتبارها ريعا انتخابيا لا بصفتها مسؤولية تشريعية سياسية ، اذ أصبح الترتيب في هذه اللوائح ، خصوصا منها الوطنية نوعا من العنف السياسي الذي يمارس ضد المناضلات من طرف الهيآت التي ينتمين اليها و يتبنين أفكارها ، ويدافعن عن مشروعها . و قد كانت اللاوائح مناسبة لشرخ مزدوج ، شرخ في العلاقة نسا ء – رجال ، وفي العلاقة نساء – نساء ، داخل نفس التنظيم السياسي.
هدا من جهة ، أما من جهة ثانية فنحن اليوم في سياق قانوني دستوري جديد ، و من وجهة نظري ، و بعد أن صوت المغاربة على دستور 11 يوليوز 2011 ، و بعد أن أخد الفصل 19 حمولته الرمزية العميقة عندما اقترن بالمساواة بين الرجال و النساء ، و بعد قانون الأحزاب ، و بعد أن تضمن الدستور مبدأ السعي الى المناصفة ، أجدني نظريا و مبدئيا ضد مبدأ الكوطا ، اذ يفترض أن تكون قد استنفدت وظيفتها بقوة فصول الدستور . لسان حالي اليوم – كمناضلة – يقول : المساواة و المناصفة ، و لا شيء أقل منهما ، باعتبار أنه قد حان الوقت لكي تدخل المرأة الى معركة انتخابية واقعية و فعلية ، موظفة كل مؤهلاتها و آلياتها لانتزاع الفوز مثل الرجل تماما . لكن أخدا بعين الاعتبار السياق السياسي الحالي بشكل موضوعي و واقعي يتجاوز الرأي الشخصي ، أرى أن الأخذ بالثلث في مختلف المراحل الاستحقاقية المقبلة ، يمكن أن يشكل مقاربة تدريجية تتجاوز نسبة الكوطا السابقة من جهة ، و تترجم ولو نسبيا مقتضيات الدستور الحالي ، على أن تكون هناك اجراءات تحفيزية و مقتضيات الزامية لكي لا تترك المسألة لأمزجة الأحزاب السياسية .
* هل للنساء حظوظ الفوز في ظل المنافسة الشرسة مع الرجال ؟
– ان شراسة المنافسة واردة و مقرونة بمجموعة من الغيابات غياب القوانين التنظيمية لتنزيل مقتضيات الدستور فيما يتعلق أساسا بالمساواة و المناصفة ، وتحديدا مجال في مجال تكافؤ الفرص والمشاركة السياسية للنساء ، غياب التساوق بين القوانين التنظيمية المتعلقة بالانتخابات الجماعية والجهوية ، والروح المساواتية العالية في الوثيقة الدستورية ، و موازاة مع ذلك إرادة الرفع ، و انتظارا لأن يتحقق ذلك ، غياب إرادة الرفع في الإجراءات التمييزية الايجابية في اتجاه الرفع من التمثيلية النسائية . هدا بالإضافة إلى كل الأكراهات الذاتية و الموضوعية التي سبقت الإشارة إليها ، اكراهات موضوعية مادية لوجيستيقية ، واكراهات ثقافية بنيوية ، و أخرى ذاتية متعلقة بطبيعة النساء وا رادتهن ، و روحهن التنافسية داخل الحزب أولا لانتزاع الحق في الترشح في الرتبة الضامنة للنجاح ، و داخل المجتمع على مستوى التواجد والإشعاع والإقناع بالاستحقاق و الأهلية . و مع ذلك يظل واردا في أن تترجم الأحزاب الناطقة باسم الحداثة و الديمقراطية ، و المدافعة عن الحق و المساواة و العدالة الاجتماعية في أن تترجم ذلك على مستوى الفعل و الممارسة لتعطي الإشارة الايجابية ضدا عن مجموع الغيابات السالفة الذكر ، مجسدة مصداقية خطابها ، و مفعلة لشعاراتها في هدا المجال .
* هل استحضر حزبكم معايير لاختيار المرشحات في لوائحكم ؟
– إن حزبي منشغل بشكل قوي برفع التمثيلية النسائية في الانتخابات القادمة بموازاة مع اشتغال المنظمة الاشتراكية للنساء الاتحاديات على المستويات التنظيمية و الإشعاعية و التكوينية في مجال الرفع من القدرات القانونية والتدبيرية للنساء استعدادا للاستحقاقات القادمة . آخر لقاء للجنة الإدارية للحزب كان حول المقتضيات المسطرية المتعلقة بالانتخابات الجماعية ، و التي تم خلالها الاتفاق على ضرورة وجود النساء في اللاوائح العامة بجانب اللاوائح الإضافية ، بل أكثر من ذلك تلقت نساؤنا تكاوين مختلفة في هدا المجال ، باعتبارهن مرشحات مفترضات ، خصوصا فيما يتعلق بآليات التواصل و إدارة الحملات الانتخابية التي توفر الشروط المبدئية في المرشحة لإسكات الإكراه المتعلق بغياب الكفاءة ، باقي الشروط متعلقة بالامتداد المجتمعي ، بشساعة دائرة الإشعاع و كذا بالإمكانات المادية الضرورية .و لعل مرافعة النساء في حزبي تدور حول الموقع الايجابي للترشح في اللاوائح العامة و انتزاع نوع من المقاربة التمييزية الأيجابية فيما يتعلق بالموارد المادية التي تسجل فيها النساء انخفاضا ملحوظا بالنسبة للرجال ، و ذلك لأسباب متعددة . ان حزب الاتحاد الاشتراكي الناطق باسم الحداثة في المجتمع المغربي واع أو يفترض أن يكون واعيا بضرورة بلورة خطابه على مستوى الواقع، و ان كان التخوف دائما من حمى الاستعداد الانتخابي التي قد تعصف بالكثير من الأفكار، و قد تتنكر للكثير من المعايير الموضوعية و الموضوعة سلفا
* ما هي الإضافات النوعية التي يمكن تحقيقها من خلال المشاركة السياسية للمرأة أولا ، أنا لا أحب أن أتكلم عن الإضافات النوعية ،، فهدا يحيل عادة إلى أن هنالك ما هو أساسي و ما هو إضافي و ثانوي ،كما يحيلني على اللائحة العامة الأساسية و اللائحة الإضافية (للنساء) ، و ذلك يؤشر على التمثل المجتمعي العام ، و هو أن الساسة هي أساسا ممارسة رجالية ، و ممارسة النساء هي مجرد مشارك إضافية ، و الحال أن الرفع من التمثيلية النسائية يتطلب وجوبا القطيعة مع هدا المنحى في التفكير .
– ان المشاركة السياسية للنساء ضرورية كمشاركة الرجال تماما . فالمشاركة في تدبير شؤون المدينة (الانتخابات الجماعية ) ، و شؤون الدولة ( الانتخابات التشريعية ) هي إقرار و تجسيد لمواطنة واحدة مشتركة غير قابلة للمفاضلة من منطلق المساواة بين الرجل و المرأة عامة ، و في السياسة خاصة ، أي أنه يتعين إقرار الحق في المشاركة المتكافئة قانونيا و دستوريا مع ضرورة حماية هدا الحق ، و ذلك بالانخراط في فعل ثقافي تغييري ( لكي لا أقول ثورة ثقافية ) فعل مواطناتي تحديثي يواجه اللاوعي الجمعي المتوارث في هدا المجال ، و بعد ذلك تختار المرأة المشاركة من عدمها من منطلق القرار الذاتي و الحرية في الاختيار ، بالإضافة إلى أن المشاركة السياسية للنساء من هدا المنطلق تضمن العودة إلى المنطق السليم ، إذ لا يعقل أن يتم إبعاد النساء وهن يشكلن إحصائيا نصف القوة العددية في المجتمع ، كما لا يعقل اعتبار النساء مجرد إضافة ، و الحال أنهن المعنيات بشكل أقوى بالحداثة ، بل الفاعلات بشكل أعمق من أجل تحققها . لذا فالمرأة في السياسة ليست مجرد إضافة حتى و لو كانت هده الإضافة نوعية ، لأنه الفعل السياس للمرأة في نظري هو المدخل الأساسي لتحديث و تشكيل المشروع المجتمعي المأمول ، المشروع الحداثي المناسب لكل من الرجال و النساء ارتباطا بمقومات وانتظارات العالم الذي نعيش فيه.
* أقر الدستور مبدأ المناصفة ، فكيف يمكن تجسيدها على أرض الواقع ؟
– أولا نعيش اليوم سجالا حول هده المسألة أي هل يتعلق الأمر بإقرار المناصفة أم بإقرار السعي إلى المناصفة ؟ أدى هدا الوضع الملتبس الى مقاربتين :
مقاربة حقوقية منفتحة على الوثيقة الدستورية ، متساوقة مع المساواة كمسألة عرضانية في الدستور ، فكيف يقر الدستور المساواة على جميع المستويات ، و تظل المناصفة معطلة ، و الحال أن مبدأ المساواة هو الأعم و الأشمل ، و أن المناصفة ليست سوى آلية لضمان المساواة في مجالات محددة كالمشاركة السياسية مثلا ، و هده هي الوجهة التي يسير فيها النقاش و الترافع داخل الحراك النسائي ، سواء على مستوى الأحزاب الحداثية الديمقراطية أو على مستوى المجتمع المدني النسائي .

مقاربة منغلقة تأجيلية انتظارية حسبها البطء و التخاذل ، و تميل الى مبدأ السعي الى المناصفة ، و هي المقاربة المعتمدة من طرف حكومة ما بعد دستور 2011 ، حكومة تمطط الزمن الأنتظاري ، و تؤجل التفعيل بدعوى اعتماد مبدأي التدرج و التدريج تحت ذريعة عدم توفر الشروط الواقعية و الموضوعية و البشرية لتفعيل المبدأ . انه منطق المقاربة المحافظة التقليدانية المعانية من فوبيا الحداثة و التغيير ، المحكومة ببنية فكرية ثقافية خارج التاريخ ، تأبى الانخراط في الزمن الفعلي ، زمن الإنسانية الكوني المحكوم بمبدأ الصيرورة و التغير ، و لذلك لا نتوقع من مقاربة من هدا النوع أن تسارع إلى تجسيد المناصفة على الواقع السياسي و الاقتصادي و غير ذلك من إخراج القوانين التنظيمية ، و هيأة حقيقية للمناصفة ، و اعتماد مقاربة مندمجة تشاركية واسعة ، و كل ذلك سيتعثر في ظل غياب الإرادة السياسية و هيمنة النزوع الارتدادي المتنكر لقوة المكتسب ، والمسكون بالرعب من الحداثة و التطور .

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

الاستاذ إدريس لشكر: لابد من لائحة وطنية تضم «امرأة ورجل» لتطوير أداء المؤسسة التشريعية

بيان منظمة النساء الاتحاديات حول : ضرب حقوق النساء المغربيات عبر مواد إعلامية “مخدومة ” واستغلالها من قبل أعداء المغرب

منظمة النساء الاتحاديات ترسي هيكلتها التنظيمية الإقليمية بمكناس تحت شعار «المساواة بين الجنسين أساس مجتمع قوي ومتوازن»

ندوة في موضوع : «النساء والدولة الاجتماعية: الحماية الاجتماعية نموذجا»