لم يعد الحلال بين والحرام بين، بل استشكل على الناس أمر دينهم بفعل تأثير هذه الإيديولوجية الإخوانية. فلاشك أن مواقع التواصل الاجتماعي فتحت المجال أمام الشيوخ والدعاة للاستخفاف بعقول الناس وإيمانهم بعد أن جعلوا الدين أكثر تعقيدا وتشددا.
فلم يعد أحد يستفتي قلبه، بل يستفتي الدعاة والشيوخ ذوي الخلفية السلفية والإخوانية الذين يوجدون بمواقع التواصل الاجتماعي.
إن معضلة الأمة الإسلامية تكمن في خضوعها الطوعي لوصاية الفقهاء والشيوخ والدعاة على عقولها وقلوبها، أي رضيت لنفسها أن تتنازل عن عقلها وتقبل بأن يفكر الشيخ والفقيه نيابة عنها. فهي تسلم بكل ما يقوله الدعاة والشيوخ باسم الدين وترفض إخضاعه للنقد والمراجعة.
والعيب ليس في الأمة ولكن في الأنظمة السياسية التي حكمتها طيلة 14 قرنا الماضية، والتي حاربت العقل والمنطق والفلسفة ومكنت الفقهاء والشيوخ من عقول وضمائر الناس، حيث يفضل الشخص استفتاء الفقيه بدل الطبيب.  معروف عن التيار السلفي تركيزه على القضايا السخيفة وخاصة تلك التي ترتبط بالغرائز الجنسية.
فما يشغل شيوخ هذا التيار هو المرأة والجنس والأعضاء التناسلية، لهذا نجد شيوخه ودعاته يبدعون في الفتاوى الشاذة، التي تلبي انشغالاتهم الجنسية، فما يراه هؤلاء الشيوخ والدعاة هو عورة الناس.
وشاءت الظروف أن تمتد موجة السلفنة والأخونة لتغزو المغرب وتشغل المواطنين بفتاوى السخافة والشذوذ.
وبالمناسبة نحيي المواطنين الذين تصدوا لمثل هذه الفتاوى بالتنكيت والسخرية وجعلوا الشيوخ إياهم موضوعا للاستهزاء.
ويظهر من المواضيع التي تشغل شيوخ السلفية مدى تمكن عقد الكبت الجنسي منهم وسيطرتها على تفكيرهم وأبصارهم.
فهؤلاء لا يرون في المجتمع غير عورات الناس التي جعلوا منها مصدر «الفتن». إنهم يسقطون شذوذهم وعقدهم الجنسية على الإنسان والجماد معا، كأن يفتي أحدهم بحرمة نوم المرأة بجانب الحائط أو بزناها إذا سبحت في البحر أو المسبح لأن الماء يتسرب إلى فرجها.
لقد شغل ويشغل هؤلاء الشيوخ والدعاة المواطنين بقضايا سخيفة وتافهة بدل الاهتمام بقيم المواطنة والإفتاء في مواضيع تتعلق بتصرف المواطنين في الفضاء العام ورمي النفايات في الشوارع والأماكن العمومية أو بالغش في المواد ورفع الأسعار….
فهذه المواضيع وغيرها هي التي تفيد في بناء مواطن سوي متشبع بقيم المواطنة، ويحافظ على نظافة الشوارع والبيئة.
فلينظر الشيوخ، إذا كان لابد من تدخلهم في شؤون الناس، إلى تصرفات هؤلاء المشينة والمضرة بالمجتمع والبيئة معا.
فبدلا من النظر إلى عورة المارة في الشارع فلينظر الشيوخ إلى تصرفات المارة مع إشارات المرور والنفايات.
لكن الإيديولوجية السلفية والإخوانية لا تسمح للشيوخ والدعاة بالاهتمام بقيم المواطنة وتربية الأجيال عليها.
إن الشيوخ إياهم لا ينظرون بعقولهم وضمائرهم ولكن بغرائزهم وأعضائهم التناسلية.