فليرحل من يعشق الرحيل… وليلتحق به من شاء… لا نلوم أحدا، ولا ينتابنا أي شعور بالندم عن وجودهم بيننا ذات يوم. فالاتحاد حزب كل المغاربة وإطار سياسي منفتح على كل من اختار، عن اقتناع وطواعية، الانتماء إليه، والاتحاد ليس في ذات الوقت جماعة دينية مغلقة تكفر من اختار أن يغادرها لاعتبارات تخصه.
نحن نؤمن أولا وأخيرا بحرية الانتماء ولا نجبر أيا كان على البقاء، بل نعتبر أن خروج غير الأوفياء للفكر والمبدأ والتاريخ من صفنا أجدى وأنفع، ونشكره على الكشف عن وجهه الحقيقي.
بعض الأصوات التي تحركها الأحقاد على الاتحاد وقيادته تدعو عن غيرة كاذبة إلى محاسبة من أتاح للراحلين تبوأ مواقع قيادية ومؤسساتية، هي مع الأسف نفس الأصوات التي وضعت يدها ذات يوم في يد من رحل ضد القيادة الشرعية للاتحاد.
وليعلم هؤلاء الشامتين أننا نتعامل مع طلبات الالتحاق بالحزب بروح إيجابية على اعتبار أنه حق يكفله الدستور ويبيحه القانون الأساسي للحزب ويستجيب لرغبتنا الأكيدة لتقوية الانخراط في العمل السياسي.
وفي ذلك لا يمكن لأي كان أن يعلم بالنوايا الخفية لطالبي الانخراط، ولا أن يتنبأ بصيرورة الحياة السياسية، ولذلك إذا كانت أبواب الحزب مشرعة في وجه كل من يلتزم بمشروعه وقوانينه، فإن الأبواب نفسها مفتوحة لمن أراد أن يغادر… وذاك حق طبيعي لأي منتم، لا يرقى إلى زلزال ولا تصدع ولا هم يحزنون. الاتحاد حركة اجتماعية وبنية تنظيمية ورؤية مجتمعية فوق الأشخاص واللحظة، غير قابلة للشخصنة والاختزال، مناضلون ومناضلات أشداء اختاروا الانسحاب، ومنهم من أسس إطارات أخرى، لاعتبارات شتى أيديولوجية وتنظيمية وتنافسية، وأعتقد بعضهم في نهاية الاتحاد، وما أفلحوا في مشاريعهم البديلة، ولا في إقناع المغاربة بشعارات غير مطابقة لواقع موازين القوى، ولا في بناء الحزب الاشتراكي الكبير.
تجاه هؤلاء المناضلين ينتابنا بعض الأسف وقد يغمرنا الحنين إلى لقائهم ضمن مشروع توحيد الحركة الاتحادية، أما إذا تعلق الأمر بمن انسحب لحاجة في نفسه، لا نعلمها ولم يعبر عنها، فإننا نكتفي بالدعوة له بقليل من الثبات حيث استقر….
والملاحظ أن ظاهرة الترحال شاعت أكثر من أي وقت مضى، اتسعت رقعتها وارتفعت وتيرتها، ولم تعد تحرج أحدا. فليرحل من طاب له الرحيل…
ولن يسيء إلا لنفسه، والسياسة التي قال عنها معلمنا عبد الرحيم بوعبيد إنها أخلاق، ويكفينا من تربى في المدرسة الاتحادية. السياسة التزام أخلاقي وفكري قبل أن تكون التزاما تنظيميا.