كثيرون صاروا يرفعون عاليا رايات التضامن المجتمعي، وتعميم التعليم، وتوفير الشرط الصحي العمومي، وبات الجميع، من كل مذاهب السياسة والفكر، ينتصر لقيم المجتمع المتضامن والدولة القوية وأخلاق المسؤولية وحرية الإبداع والوجود الإنسانيين، وتأسست قناعات بالحداثة المادية واللامادية، لخدمة الرفاه البشري، وتحميل الدولة القرار الاستراتيجي في الحماية الاجتماعية.. إلخ إلخ، وإلى غير ذلك من مقومات الانتماء الاشتراكي الديموقراطي…
والواضح أن تطور المجتمع، والظروف القاسية التي وجدت البشرية نفسها في خضمها بفعل الجائحة، والمبادرة، بل المبادرات الشجاعة لملك البلاد بخصوص مقومات التنمية البشرية وتعميم التغطية الصحية والانتقال إلى بناء مجتمع قوي تخطط له وتحصنه وتضمن تعليمه وصحته دولة قوية، …كل هذه العناصر ساهمت في إنضاج الخطوة والانتصار لقيم الاشتراكية الديموقراطية.
وهو تطور لا يمكن إلا أن نصفق له، بل أن نثمنه وندعو لأصحابه بالنجاح والفوز، ونرى أنه خطوة في الاتجاه الصحيح.
وعليه، فنحن لا نريد أن نفسد على المنتمين الجدد فرحتهم واكتشافهم لمركزية الشعب في بناء الدولة القوية، بعد ما رفع بعضهم شعار انسحاب الدولة من القرار الاقتصادي، وذهب بعضهم أحيانا أخرى أبعد من ذلك، وجاهر بضرورة »تحرير« الدولة من التزاماتها الاجتماعية والتزاماتها في الصحة والتعليم والسكن… إلخ، لكن تقتضي الموضوعية، وجوهر الانتماء السوسيال-ديموقراطي، أن يسبق الإعلانَ الصريح والذي نسلم بأنه صادق ومشروع، إنصافُ الاشتراكيين الديموقراطيين في البلاد، إنصاف حملة المشروع المؤسسين، على صمودهم من أجل أن تنتصر قيم هذه المدرسة الواقعية النظيفة في السياسة، والثقافة والمؤسسات والعلاقات الدولية.
ويقتضي الانتماء إلى المدرسة إياها أن يقوم الجميع بتقييم مساهماته، من أجل أن تسمو هذه القيم وتصبح مشاعا بين الناس، لكن الذي لا يمكن تغافله، هو المكانة الوثيقة للنقد اللازم، ذاتيا، للمواقف السابقة، من القضايا التي تشكل جوهر رسالة الاشتراكية الديموقراطية.
إن المغربي والمغربية يتساءلان اليوم:ألا يمكن أن يكون الإعلان المتلاطم بالانستاب إلى هذه المدرسة الكونية، مقدمة لخلط ما، يجعل الفرز على قاعدة المشاريع المجتمعية أصعب أكثر على المواطنين وطبقات الرأي العام؟
قد يحصل ذلك، إذا لم يتم إنصاف حملة المشروع الاشتراكي الديموقراطي، الذين تجشموا تضحيات كبيرة في وجه من حاربوهم بالأمس، باسم الدولة الوطنية، وباسم القيم التقليدية وباسم الخصوصية الوطنية المفترى عليها، فهؤلاء يملكون «حقوق التأليف» التاريخية، التي غذوها بدمائهم وعرقهم ودفعوا الغالي والنفس لكي تصبح القيم التي ضحوا من أجلها مصدر فخر واعتزاز للكثير من الساسة والفاعلين، فرادى كانوا أو أحزابا… …
فمرحبا بكم في الاشتراكية الديموقراطية، مجددا.