يونس مجاهد
يشهد المجتمع المغربي، منذ الِاستقلال، جدلاً سياسياً متواصلا، كما هو الشأن في كل المجتمعات، تساهم فيه مختلف المشارب، بمرجعياتها وخلفياتها ومصالحها وارتباطاتها. وقد تميز داخل هذا الوضع، تياران يمثلان الأقلية المتطرفة: الأول، يبرر كل ما تقوم به السلطة، مهما ارتكبت من انتهاكات وتجاوزات. والثاني، عدمي، يعارض الدولة معارضة منهجية شاملة، في كل زمان ومكان، إلى الأزل.
من المؤكد أن للتيار الأول مصالح ومنافع وارتباطات مع السلطة، رغم أن هناك من يتخذ مواقف مساندة، انطلاقا من قناعات، لكن يتعلق الأمر بأقلية، داخل ما يطلق عليه تيار الموالاة. أما بالنسبة للتيار الثاني، فإنه مزيج من التموقعات والمصالح، يحكمها موقف مشترك، ضد الدولة، رغم اختلاف المشارب، مثلما يحدث في المغرب، اليوم، حيث يختلط الحابل بالنابل، في تحالف بين يسار متطرف ويمين ديني ونزعات اِنفصالية، واعتبارات شخصية ذاتية، تتراوح بين القناعة والرغبة في الِانتقام.
بين هذين التيارين، هناك تيار واسع داخل المجتمع، يمثل أغلب فئات الشعب المغربي، تمثله هيئات سياسية ونقابية وجمعوية، وشخصيات من عالم الصحافة والثقافة والفن… يتفاعل بشكل متوازن مع التحولات التي يعرفها المغرب، لا يقبل التطرّف، في أي اتجاه، سواء من تيار الموالاة أو من تيار العدمية، لكنه يؤمن بقدرة الوطن على التطور والتقدم، بتحقيق مكتسبات ديمقراطية وتعزيزها، والقضاء على التخلف والفساد والريع، في إطار وحدة البلاد واستقرارها، واحترام القانون والدستوروالمؤسسات.
وإذا كان من السهولة بمكان مواجهة تيار الموالِاة، فإن التيار العدمي، الذي يتخذ في غالب الأحيان صفة حقوقية، ويوظف مبادئ وتنظيمات الدفاع عن حقوق الإنسان في الداخل والخارج، بأهداف سياسية واِنتهازية واضحة، يجد مساندة قوية من منظمات أجنبية تقف ضد المغرب، في إطار حسابات اِستراتيجية، تقف خلفها دول ولوبيات ومطامع كبرى.
ومن الملائم هنا، أن نستحضر ما قاله لينين عن مرض اليسارية الطفولي، الذي يعتبر العدو الأكبر للحركات الديمقراطية، ويخدم في نهاية المطاف القوى الرجعية واليمينيّة، خاصة عندما يتخصص في التهجم على القوى السياسية المعتدلة، ويتحالف مع كل من يسعى إلى تدمير الوطن، حتى لو كان رجعياً أو اِنفصالياً.

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

الخروج  اليوم عن المبادئ والقواعد والأعراف والتوافقات ترجمة لمنطق التغول : إلزامية عدم التراجع عن المكتسبات التي سبق إقرارها في النظام الداخلي

حتى  لا تتحول مجالس الحكامة الى آلية للتحكم

اليوم يفتتح ذ.إدريس لشكر المؤتمر الوطني لقطاع المحامين

الأغلبية تظهر «وحدة الواجهة ـ الفاصاد»، وواقع مكوناتها يؤكد ما قاله الاتحاد وكاتبه الأول..