علي المرابط الدرعي

في أفق الانتخابات المزمع إجراؤها خلال هذه السنة 2021 أشار الاخ الكاتب الأول الأستاذ ادريس لشكر في لقاءاته مع عدد من وسائل الإعلام الوطنية التي تجري معه اسستجوابات حول توقعهم حول ما ستسفر عنه هذه الاستحقاقات التي تأتي في ظروف يعرف فيها المغرب تحولات في مختلف المجالات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية ويتعلق الأمر بقضية الوحدة الترابية و آثار جائحة كورونا على الأوضاع المشار اليها شأنه كشأن بقية دول العالم بدون استثناء .
و أعتقد أن الكاتب الأول يقصد في رأيه التجديد للنخب السياسية التي يعهد إليها ديمقراطيا بإدارة شؤون البلاد من خلال ظهور كفاءات جديدة و إخضاع البرامج المطروحة على محك التنفيذ و تحويل فكرة التناوب إلى منهجية يتعامل معها دون خوف أو تحفظ خاصة عندما تكون نابعة من الاختيارات الشعبية و من عمق مطامحها في التغيير و التجديد، ذلك أن الأحزاب السياسية منذ الاستقلال إلى الآن باستثناء حكومة الاتحاد الوطني سنة 1959 التي يترأسها عبد الله ابراهيم و حكومة الاتحاد الاشتراكي التي يترأسها عبد الرحمان اليوسفي رحمهما الله، وهي التي يطلق عليها حكومة التناوب التوافقي بين اليوسفي و الملك الحسن الثاني سنة 1998 و التي أنقذت البلاد و جنبته السكتة القلبية كما سماها الملك الحسن الثاني رحمه الله، و يتعلق الأمر بالخطر الذي كان يهدد البلاد نتيجة السياسات المنتهجة منذ عدة سنوات، والتي كادت أن تؤدي بالبلاد إلى ما لا يحمد عقباه .
باعتبار أن هذه الحكومات استنفدت طاقاتها، وعبرت عن عجزها في مواجهة مشاكل البلاد، و هو ما جعل الحاجة ملحة إلى التناوب موضوعية و نفسية ترمي إلى خلق أسباب و خروج البلاد من مرحلة الأزمة و تقوية الديمقراطية الحقة، و ذلك بإعادة الثقة في الإدارة و السياسة من جهة و تحقيق التنمية و الانعاش الاقتصادي و الاجتماعي، و أكثر من ذلك ظاهرة استعمال المال التي جاءت بعد ظاهرة التزوير التي تمارسها وزارة الداخلية في الانتخابات، ومن جهة أخرى فإن الأمر يقتضي بالأساس الخروج من حالة الانحصار السياسي و القضاء على مظاهر الفساد و الرشوة و الشطط في استعمال السلطة و من مظاهر التفاوت المريع بين الفئات و الجهات حيث تدني العيش و التعليم و القضاء ، وتصاعد وتيرة البطالة التي أصبحت تمس خريجي الجامعات و المدارس العليا و ازدياد في الفقر و الهشاشة .و طال اليأس أغلبية شرائح المجتمع و الأجيال و من ثم وجب البحث عن بدائل لهذه المظاهر التي أضرت بمصلحة البلاد و العباد .
أما فيما يخص الحزب الأغلبي الذي تولى تدبير الشأن العام من 2012 إلى الآن في إطار الفصل 47 المتعلق بالمنهجية الديمقراطية التي نادى بها الاتحاد الاشتراكي سنة 2002 و يتعلق الامر بالعدالة و التنمية الذي ينتمي إلى الحركات الإسلامية المعاصرة و التي يلاحظ عليها أنها انحرفت عن مقاصد الشريعة الإسلامية الرامية إلى جلب المصالح المرسلة و درءا للمفاسد و سد الذرائع و من ثم يتوجب عليها أساسا بعث شعور ديني شامل و إحساس بالرغبة الاجتماعية في التدين من غير تقييد بالضرورة في إطار تنظيمي ضيق بدلا من أن تعرض نفسها للناس كحركة التدين و استقطابهم للانخراط و التعاطف لخدمة الحركة و ليس قضية الاسلام و الهوية الدينية و أن التصويت عليها في الانتخابات اعتقادا من المصوتين بأن الأمر يتعلق بالعقيدة و ليس السياسة. اما الديمقراطية التي كانت تحاربها و تعتبرها مستوردة من الغرب، فقد جعلها هذا الأمر تعيش في التيه و طالها الفتور بالتمثيل على المستوى الدعوي العام الموافق للشرع و المتعلق بالكتاب و السنة بنهج سلف الأمة . إلا أنها استدرجت للسياسة و استهلكتها أنشطتها الداخلية و وظائفها الإدارية الذاتية الراجعة إلى مشاكل التسيير لدوائرها التي تتولاها على الصعيد الوطني و تم الكشف عن سوء التدبير و تنامي الفساد من اختلاسات للمال العام، و كثير من مسؤوليها للجماعات الترابية سيحالون على القضاء للبت في ملفاتهم . الأمر الذي أدى إلى استقالات كثيرة من منخرطيها .
و يبدو في ظل ولايتي العدالة و التنمية، أصبح المجتمع الإسلامي مهددا في عقيدته لا من حيث هي مبادئ و تصورات و لكن من حيث هو سلوك اجتماعي و قيم اخلاقية يحفظ هويته من الضياع و تسند المسؤوليات لغير أهلها . هذا ما أشار إليه الرسول (ص) في حديث بقوله « سيأتي سنوات خداعات يصدق فيها الكاذب و يكذب فيه الصادق و يؤتمن الخائن و يخون الأمين و ينطق فيها الرويبضة « فقيل و ما الرويبضة قال (ص) « الرجل التافه يتكلم في أمر العامة « . قوله (ص) « حين يقبض الله العلماء يأتي الجهال فيفتون في المسائل الشرعية و يضلون « و هذا أسلوب سنه الحزب الإسلامي كما يدعي حيث يجند هؤلاء الجهال للتعبئة و الحملات الانتخابية مستغلين الفقر و الأمية و هو توظيف الدين في السياسة .
هذا باختصار ما يستوجب التناوب الذي نادى به الكاتب الأول. و في نظري ليس فقط من الناحية السياسية، و لكنه من الناحية الشرعية أيضا ، و ذلك بالتأهيل للحقل الديني لاسيما في مسألتي الفقه المتعلق بالعبادات و المعاملات و الأخلاق، حيث لإن الإصلاح السياسي يتطلب الإصلاح الديني .

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

حتى  لا تتحول مجالس الحكامة الى آلية للتحكم

اليوم يفتتح ذ.إدريس لشكر المؤتمر الوطني لقطاع المحامين

الأغلبية تظهر «وحدة الواجهة ـ الفاصاد»، وواقع مكوناتها يؤكد ما قاله الاتحاد وكاتبه الأول..

المجد للشهداء في الأعالي، وعلى الوطن السلام!