محمد إنفي

لقلة الحياء السياسي أوجه متعددة. فالترحال السياسي من النماذج الصارخة في هذا الباب. فبعض الناس لا يجدون حرجا ولا غضاضة في أن يبدلوا لونهم السياسي بين محطة انتخابية وأخرى وأن يتنقلوا بين الأحزاب، بغض النظر عن توجهها السياسي.
غير أن هذا ليس هو ما يهمني اليوم. فما يهمني هو ترحال من نوع خاص؛ ويتعلق الأمر بأناس، يكفي أن تقرأ لهم ما يكتبون في الفايسبوك لتستنج بأنهم انتموا في مرحلة معينة من حياتهم إلى الاتحاد الاشتراكي ثم انفصلوا عنه لأسباب تخصهم (وموقف أغلب هؤلاء يشبه إلى حد كبير ما يحدث بين زوجين غير متوازنين نفسا حين انفصالهما عن بعضهما البعض بعد استحالة استمرار العِشْرة؛ بحيث لا يتذكر أو لا يذكر كل منهما للآخر إلا ما هو قبيح وسيء ومنحط) وتحولوا إلى ألد أعداء الحزب الذي ساهموا في بنائه بهذا القدر أو ذاك.
وقد اخترت هذه الطريقة (تدوينة أو تغريدة واحدة) في التفاعل مع بعض تلك الكتابات الفايسبوكية (أشير إلى أنني لست من المدمنين على قراءات كل ما يكتب في الفايسبوك؛ لكني أصادف، من حسن حظي أو من سوء حظي، من حين لآخر، بعض التدوينات التي تبعث على القرف والغثيان) التي تتقيأ ما في داخل أصحابها من حقد وغل وضغينة على القيادة الاتحادية المنبثقة عن المؤتمر الوطني التاسع.
وحين يصادف أن تقع عيناك على تدوينة لشخص، تعرف أنه، في مرحلة ما، انساق مع “شعب” الأموي قبل أن “يتشبط” بالساسي ويصحبه إلى تنظيمه السياسي الجديد ثم يهلَّل للبديل الذي لم تكتمل ولادته، ليأتي، في الأخير، بمناسبة التحضير للمؤتمر الوطني العاشر، لينضم إلى جوقة العشرة وينوب عنهم في قول ما يتحرج البعض منهم من قوله؛ أمام كل هذا، لا يلك المرء إلا قول: “الله ينعل للي ما يحشم”.
وهذا المثال ليس إلا واحدا من بين العديد من الأمثلة. والقاسم المشترك بينهم، هو ما سميناه بـ”قلة الحياء السياسي”. ويزداد الاستغراب من هذا الموقف، حين نعلم أن أصحابه كانوا أساتذة ومنهم من لا زال يمارس التدريس، وفي مرحلة حساسة بالنسبة لشبابنا (أقصد الثانوي بسلكيه). لذا، لا أملك سوى التساؤل عن نوع القيم التي يمكن لهؤلاء أن يمرروها لتلامذتهم ونوع التكوين (أو التنشئة) الذي يمكن لهؤلاء التلاميذ أن يتلقوه منهم.
فشخصيا، لا أرى أنهم قادرون على إعطاء المثال وتقديم نموذج إيجابي لهؤلاء التلاميذ. فأمثال هؤلاء- الذين تتحكم فيهم نزواتهم ويتصرفون حسب الأهواء وليس حسب ما يمليه المنطق السليم- لن يزرعوا في نفوس تلامذتهم سوى عدم الثقة في النفس وشروط الإحباط والفشل (أتمنى أن يكذبني أحدهم ويثبت لي العكس)؛ ويساهمون، بالتالي، في الانحراف بكل أنواعه.

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

الخروج  اليوم عن المبادئ والقواعد والأعراف والتوافقات ترجمة لمنطق التغول : إلزامية عدم التراجع عن المكتسبات التي سبق إقرارها في النظام الداخلي

حتى  لا تتحول مجالس الحكامة الى آلية للتحكم

الكاتب الأول يحضر اللقاء التواصلي الأول لنقيب المحامين بالرباط

تقديم طلبات التسجيل الجديدة في اللوائح الانتخابية إلى غاية 31 دجنبر 2023